أو يضرون؟ كلا انهم (لا يَمْلِكُونَ مِثْقالَ ذَرَّةٍ) أي لا يملك آلهة المشركين زنة ذرة من خير وشر أو نفع وضر ولا معين لهم وشفيع ، وفي هذا إبطال لقولهم : (ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللهِ زُلْفى) ـ ٣ الزمر» (حَتَّى إِذا فُزِّعَ) ـ بتشديد الزين ـ أي ذهب الفزع (عَنْ قُلُوبِهِمْ قالُوا ما ذا قالَ رَبُّكُمْ قالُوا الْحَقَ) للمفسرين في شرح هذه الجملة كلام غامض ومتضارب ، ولعل أوضحه ما معناه أن الله سبحانه إذا تكلم وأوحى بشيء خاف أهل السماء والملائكة ، فإذا انتهى سبحانه من وحيه وكلامه انكشف عنهم الفزع وذهب ، وعندئذ يسأل أهل السماء : ما قال سبحانه؟ فيقول لهم الملائكة المقربون : قال ، تقدست كلمته : الحق وهو العلي الكبير.
٢٤ ـ (قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللهُ) جاء السؤال والجواب من رسول الله (ص) حيث لا خلاف بين السائل والمسئولين ـ أي المشركين ـ على أن الله وحده هو خالق الأرزاق والمرتزقة ، وعليه فيجب أن يكون الإله إلها واحدا في ذاته وصفاته (وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلى هُدىً أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) هذا الأسلوب في الحوار والنقاش من خصائص العالم الواثق من نفسه كل الثقة ، وكأنه يقول لخصمه : ابحث ودقق لتعلم أي الفريقين أهدى سبيلا.
٢٥ ـ (قُلْ لا تُسْئَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنا وَلا نُسْئَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ) هذا هو الإسلام نصا وروحا في دعوته إلى الله وشريعته ، يكشف عن الحق ، ويدعمه بالأدلة ، ويحث المدعوين على النظر وإعمال العقل ، ويقول لهم من جملة ما يقول : (إِنَّما أَعِظُكُمْ بِواحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنى وَفُرادى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا) ـ ٤٦ سبأ» وتختاروا لأنفسكم ما تشاءون ، فمن اهتدى منكم فلنفسه ومن ضلّ فعليها.
٢٦ ـ (قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنا رَبُّنا) يوم القيامة (ثُمَّ يَفْتَحُ) يحكم (بَيْنَنا بِالْحَقِ) ويجزي كل عامل بعمله.
٢٧ ـ (قُلْ أَرُونِيَ) الأنداد والأشباه والأضداد لله (كَلَّا) بل أنتم تجهلون وتفترون.
٢٨ ـ (وَما أَرْسَلْناكَ) يا محمد (إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ) وتكرر هذا المعنى في القرآن الكريم بأساليب شتى ، من ذلك : قل يا أيها الناس اني رسول الله إليكم جميعا ـ ١٥٨ الأعراف ... وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين ـ ١٠٧ الأنبياء» والسر أن الإسلام بعقيدته وشريعته يسع الإنسانية في كل زمان ومكان ، لأنه يرفع من شأن الإنسان وكرامته وحريته ، ويعتمد في أصوله ومبادئه وأحكامه العقل والعدل ، وكلّ منهما يأبى بطبعه التخصيص والتقييد بالأزمنة والأمكنة أو بأي شيء ، وتقدمت الإشارة إلى ذلك في شتى المناسبات.
٢٩ ـ ٣٠ ـ (وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ ...) تقدم في يونس ٤٨ وفي الأنبياء الآية ٣٨ وفي النمل ٧١.
___________________________________
الإعراب : (آية) اسم كان و (نسبة) خبرها وفي مسكنهم متعلق بما تعلق به؟ و (جنتان) بدل من آیة.