٥٥ ـ (هذا وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَآبٍ) كافح القرآن الطغاة ، ونعتهم بأقبح الصفات ، وتوعدهم بأقصى العقوبات وفسرت القرآن الكريم مرتين فانتهيت إلى علم اليقين بأن أي إنسان يقهر ويتحكم بمن هو أضعف منه فإن الله سبحانه يعامله يوم القيامة معاملة من كفر به وأشرك وإن جرت عليه في الدنيا أحكام المسلم ، بل هو عند الله أسوأ حالا ممن جحد إن لم يظلم أحدا من عيال الله ، وتعال معي لنقرأ ونعتبر قول القهار الجبار لنبيه الرؤوف الرّحيم : (وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ) ـ ٤٥ ق ... لست عليهم بمصيطر ـ ٢٢ الغاشية ... وما أنت عليهم بوكيل ـ ١٠٧ الأنعام» وضمير عليهم للمشركين بالنص القاطع لكل احتمال.
٥٦ ـ (جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَها فَبِئْسَ الْمِهادُ) الفراش.
٥٧ ـ (هذا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ) شديد الحرارة وهو خبر لهذا (وَغَسَّاقٌ) قيح شديد النتن.
٥٨ ـ (وَآخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أَزْواجٌ) أشكال وألوان من العذاب للطغاة أيضا غير الحميم والغساق.
٥٩ ـ (هذا فَوْجٌ مُقْتَحِمٌ مَعَكُمْ لا مَرْحَباً بِهِمْ إِنَّهُمْ صالُوا النَّارِ) يدخل المجرمون إلى جهنم أفواجا ، كلما دخلت أمة لعنت أختها.
٦٠ ـ (قالُوا بَلْ أَنْتُمْ لا مَرْحَباً بِكُمْ) هذا من كلام اللاحقين المستضعفين ، وهو جواب للسابقين المستكبرين الذين استقبلوهم بالشر ، فردوا عليهم بمثله وزادوا (أَنْتُمْ قَدَّمْتُمُوهُ) أي العذاب (لَنا) حيث منعتمونا عن الإيمان برسل الله.
٦١ ـ (قالُوا) ما زال القول للمستضعفين : (رَبَّنا مَنْ قَدَّمَ لَنا هذا فَزِدْهُ عَذاباً ضِعْفاً فِي النَّارِ) طلبوا زيادة العذاب كما وكيفا لمن خدعهم وغرر بهم ، وتكرر هذا المعنى في العديد من الآيات ، منها الآية ٣٨ من الأعراف.
٦٢ ـ ٦٣ ـ (وَقالُوا ما لَنا لا نَرى رِجالاً كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الْأَشْرارِ) إذا قرأت ـ أيها المسلم ـ هذه الآية فتصور معها وتدبر الآية ١١١ من الشعراء : (قالُوا أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ) كان أهل النار الطغاة يسمون المؤمنين الأخيار الأرذلين ، ولما دخلوا النار ما رأوا واحدا من الذين كانوا يعدونهم من الأرذلين الأشرار ، فدهشوا وتساءلوا أين هم؟ اقرأ واعتبر كي لا ترى نفسك كبيرا ، فيصبح الناس صغارا في عينيك ، وسلام على من قال : الغنى والفقر بعد العرض على الله.
٦٤ ـ (إِنَّ ذلِكَ لَحَقٌّ تَخاصُمُ أَهْلِ النَّارِ) هذا التساؤل من أهل النار عن الأخيار وتلاعن الأشرار واقع لا محالة.
٦٥ ـ ٦٦ ـ (قُلْ إِنَّما أَنَا مُنْذِرٌ ...) أدعو إلى عبادة الواحد القهار الذي يقصم ظهور الجبابرة الطغاة ، والعزيز الذي ليس كمثله شيء ، والغفار الذي يستر القبيح ، ويظهر الجميل ، ويقبل التوبة