وقالوا : (ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللهِ زُلْفى) ليشفعوا لهم عند الله ، وتقدم في الآية ١٨ من يونس (إِنَّ اللهَ يَحْكُمُ) بين أهل الأديان في يوم القيامة ، أما في الدنيا فعليهم أن يعيشوا بسلام بلا إراقة دماء وسلب ونهب ، وتقدم في الآية ١١٣ من البقرة وغيرها (إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ كاذِبٌ كَفَّارٌ) الهداية من الله لعبده أو من الوالد لولده أو من العالم للجاهل لا تكون وتتحقق إلا لنفس ترضى بالهداية تمام الرضا ، وعلى هذا يكون معنى الآية أن الله سبحانه لا يلجئ إلى الهداية من يصر على الكفر والضلال والكذب والنفاق حيث لا هداية مع الجبر والإكراه.
٤ ـ (لَوْ أَرادَ اللهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً لَاصْطَفى مِمَّا يَخْلُقُ ما يَشاءُ) هذا من باب فرض المحال ، وفرض المحال ليس بمحال ، والوجه في منعه واستحالته أن اتخاذ الولد يستدعي الافتقار إليه ، والله الغني عن كل شيء (سُبْحانَهُ هُوَ اللهُ الْواحِدُ الْقَهَّارُ) يقهر كل شيء بالقدرة عليه والخضوع له.
٥ ـ (خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِ) أي بنظام محكم ومستقر ، وما من شك أن مثل هذا النظام لا يحدث إلا من قادر عليم ومدبّر حكيم (يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهارِ وَيُكَوِّرُ النَّهارَ عَلَى اللَّيْلِ) وكلمة «يكور» تشير إلى أن الأرض كروية ، وأن جانبها الذي يحاذي الشمس حين دوران الأرض يكون نهارا ، وغير المحاذي يكون ليلا (وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ ...) تقدم في الآية ٢ من الرعد وغيرها.
٦ ـ (خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ ...) فأنتم أخوان لأب وأم على اختلاف ألسنتكم وألوانكم ، وعليكم أن تتواصلوا وتتعاونوا وأن يرجو كل واحد منكم الخير لأخيه ، ويكف الأذى عنه ، وتقدم في الآية ١ من النساء وغيرها (وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعامِ ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ) تقدم في الآية ١٤٣ من الأنعام (يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ خَلْقاً مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ) من نطفة ، ثم علقة ، ثم مضغة ، ثم لحم وعظم وعروق (فِي ظُلُماتٍ ثَلاثٍ) وهي ظلمة البطن والرحم والمشيمة (ذلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ) الذي خلقكم وخلق كل شيء ولا شريك له في ملكه وخلقه (فَأَنَّى تُصْرَفُونَ) وتتحولون عن عبادة الخالق إلى عبادة المخلوق؟
٧ ـ (إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ) لا تضره معصية من عصى ، ولا تنفعه طاعة من أطاع (وَلا يَرْضى لِعِبادِهِ الْكُفْرَ) كيف وقد نهاهم عنه ، ويعاقبهم عليه.
___________________________________
الإعراب : ذلكم مبتدأ والله عطف بيان و (رَبُّكُمْ) خبر ، و (لَهُ الْمُلْكُ) مبتدأ وخبر والجملة خبر ثان لذلكم. و (فَأَنَّى تُصْرَفُونَ) أي إلى أين تصرفون. ومنيبا حال من ضمير دعا. وقليلا أي زمنا أو تمتعا قليلا.