وما هو بظلّام للعبيد (وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ) ويزدكم من فضله (وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى) لا تجزي نفس عن نفس شيئا ، وتقدم بالنص الحرفي في الآية ١٦٤ من الأنعام وغيرها
٨ ـ (وَإِذا مَسَّ الْإِنْسانَ ضُرٌّ دَعا رَبَّهُ مُنِيباً إِلَيْهِ) يتضرع ويستغيث في ساعة العسرة (ثُمَّ إِذا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِنْهُ نَسِيَ ما كانَ يَدْعُوا إِلَيْهِ مِنْ قَبْلُ) ينسى تضرعه إلى خالقه ساعة اليسرة ، وتقدم في الآية ١٢ من يونس (وَجَعَلَ لِلَّهِ أَنْداداً لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِهِ) أي كانت نتيجة جعله لله أندادا الضلال عن سبيل الله والحق (قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلاً إِنَّكَ مِنْ أَصْحابِ النَّارِ) هذا تهديد شديد لكل كافر ، وبالخصوص من يؤمن عند الشدة والضراء ، ويكفر ساعة اليسر والرخاء.
٩ ـ (أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ آناءَ اللَّيْلِ ساجِداً وَقائِماً) من مبتدأ وخبره محذوف أي كغيره ، وهو قانت مبتدأ وخبر والجملة صلة من (يَحْذَرُ الْآخِرَةَ) بترك الحرام خوفا من العقاب (وَيَرْجُوا رَحْمَةَ رَبِّهِ) بفعل الواجب رغبة في الثواب ونفهم من مجموع هذا الكلام أن العبادة بالقيام ليلا والصيام نهارا ، لا وزن لها إلا منضمة إلى فعل الواجبات وترك المحرمات بالكامل ، ويؤكد هذا قول الإمام أمير المؤمنين (ع) : نوم على يقين خير من صلاة في شك. ومعناه أن نوم من يطيع الله في جميع أحكامه أحب إلى الله من صلاة من يعصيه في بعض أحكامه (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ) إذا أثنى القرآن أو أي إنسان على العلم والعلماء فهم العالم والجاهل من هذا الثناء أن المراد به العلم النافع وبهم العلماء العاملون في طاعة الله وخدمة عباده وعياله أيا كان نوع العلم والمعرفة. هذا إضافة إلى سياق الآية حيث قال سبحانه بلا فاصل :
١٠ ـ (قُلْ يا عِبادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ) في العمل الصالح النافع وكف الأذى عن عباده وعياله (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هذِهِ الدُّنْيا حَسَنَةٌ) والمحسن هو الذي يتعاطف مع الناس ويعمل من أجلهم ولخدمتهم ، وما من شك أن إشباع الجائع وإيواء المشرد وما إلى هذه الأعمال الجزئية الفردية ـ من الإحسان ، ولكن أفضل من ذلك وأعظم العمل من أجل الإنسانية بوجه العموم كالحرص على كرامة الناس وحريتهم وصيانة حقوقهم الكاملة العادلة ، وكل ما يحل مشكلة اجتماعية ويحقق غاية إنسانية (وَأَرْضُ اللهِ واسِعَةٌ) فمن ضاق عليه بلده ، وعجز عن القيام فيه بواجبه الديني أو الدنيوي ، فليهاجر إلى أرض الله الواسعة (إِنَّما يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسابٍ) وهم الذين صبروا على الجهاد والكفاح لنصرة الحق وطلب الرزق الحلال للأهل والعيال ، أما الذين قعدوا ورضوا بالفقر والهوان ، فما لهم عند الله سبحانه إلا ما اختاروه لأنفسهم.
١١ ـ ١٣ ـ (قُلْ) يا محمد : (إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللهَ مُخْلِصاً ...) هذا هو الإسلام في حقيقته ، يضع محمدا وأهل بيته وسائر الناس على مستوى واحد في العبودية لله ووجوب الإخلاص له والعمل بأمره ونهيه ، ونقل الشيعة الإمامية عن الإمام جعفر الصادق (ع) أنه قال : «ما نحن إلا عبيد الذي خلقنا واصطفانا ، والله ما لنا على الله حجة ، ولا معنا من الله براءة ، وإنا لميتون وموقوفون ومسؤولون ، من أحب الغلاة فقد أبغضنا ، ومن أبغضهم فقد أحبنا ، الغلاة كفار».