بادعوني هنا اعبدوني ، وبأستجب لكم أثبكم ، والدليل على ذلك قوله تعالى بلا فاصل : (إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ) أي صاغرين ، ومهما بكن ، فقد تكلمنا حول الدعاء فيما سبق ، وأنه تعالى يستجيب لمن دعا واتقى شريطة أن يكون عاجزا عن الحركة والسعي ، لأن الله قد خلق أسبابا للرزق ولا عذر لمن قدر عليها.
٦١ ـ (اللهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ) للاستراحة من الأعمال (وَالنَّهارَ مُبْصِراً) مضيئا للعمل من أجل الحياة ، وتقدم في الآية ٦٧ من يونس.
٦٢ ـ (ذلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ) الذي يقول للشيء كن فيكون (فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ) تصرفون عن الإيمان به وعن طاعته.
٦٣ ـ (كَذلِكَ يُؤْفَكُ) ينصرف ويبتعد عن الإيمان بالله الذين يذهلون عن الدلائل على وجوه وعظمته.
٦٤ ـ (اللهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَراراً) مستقرا ومعاشا (وَالسَّماءَ بِناءً) أي كالبناء المحكم بكواكبها ، وأيضا يستعمل البناء بمعنى الخلق كقوله تعالى : (أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السَّماءُ بَناها) ـ ٢٧ النازعات» (وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ) شكلا وقواما ، إضافة إلى الإدراك وسائر الغرائز (وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ) طعاما وشرابا ومسكنا ومركبا ، وكل ما يسد حاجة من حاجات الإنسان الضرورية والكمالية فهو من الحلال الطيب.
٦٥ ـ (هُوَ الْحَيُ) لأنه واهب الحياة (لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) لأن الألوهية تستدعي التفرد والوحدانية (فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ) في كل ما نقول ونفعل ، وتقدم في الآية ٢٩ من الأعراف وغيرها.
٦٦ ـ (قُلْ إِنِّي نُهِيتُ ...) أن أعبد إلا الله ، وقد ألهمني الأدلة الكافية الوافية على أنه الواحد الأحد.
___________________________________
الإعراب : (داخِرِينَ) حال من فاعل سيدخلون. والمصدر من (لِتَسْكُنُوا) متعلق بجعل. و (مُبْصِراً) مفعول ثان لجعل محذوفة أي وجعل النهار مبصرا. وأنّى ان كانت بمعنى أين فهي مجرورا بإلى أي إلى أين تصرفون وان كانت بمعنى كيف فهي في محل نصب على الحال. (مُخْلِصِينَ) حال. والمصدر من أن أعبد مجرور بعن محذوفة أي عن عبادة الخ. والمصدر من (أَنْ أُسْلِمَ) مجرور بباء محذوفة. و (طِفْلاً) حال.