١٤ ـ (قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللهِ) لا يتوقعون أن ينتقم الله منهم على بغيهم وضلالهم ، نزلت هذه الآية في ابتداء الإسلام حيث لا قوة رادعة للمسلمين ، ولا وسيلة للمستضعف منهم إلا الصمود على العقيدة والصبر على الأذى في سبيلها حتى يأتي نصر الله والفتح ، وقد علمتنا التجارب أن مقاومة الضعيف تأتي دائما لمصلحة القوي ، ولذا قيل : من لم يصبر على كلمة سمع كلمات.
١٥ ـ (مَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِنَفْسِهِ ...) واضح ، وتقدم في الآية ٤٦ من فصلت وغيرها.
١٦ ـ (وَلَقَدْ آتَيْنا بَنِي إِسْرائِيلَ الْكِتابَ) التوراة والإنجيل ، لأن عيسى (ع) من بني إسرائيل (وَالْحُكْمَ) أيام داود وسليمان (وَالنُّبُوَّةَ) والكثير من أنبيائهم كالعلماء المسلمين (وَرَزَقْناهُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ) ولما ظلموا ولم يشكروا حرمها الله عليهم بنص الآية ١٦٠ ـ ١٦١ من النساء : (فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ طَيِّباتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللهِ كَثِيراً وَأَخْذِهِمُ الرِّبَوا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوالَ النَّاسِ بِالْباطِلِ) ولذلك لعنهم سبحانه في العديد من الآيات ، منها الآية ٤٧ و ٥٢ من النساء (وَفَضَّلْناهُمْ عَلَى الْعالَمِينَ) بإرسال الأنبياء منهم لإلقاء الحجة عليهم.
١٧ ـ (وَآتَيْناهُمْ بَيِّناتٍ مِنَ الْأَمْرِ) بيّن سبحانه لبني إسرائيل كل ما يحتاجون إليه من أمور الدين ، وأقام عليهم الحجة التي لا تدع وسيلة للاختلاف ، ومع ذلك اختلفوا (مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ) أي حرفوا وزيّفوا كلام الله تبعا لأهوائهم كما في الآية ٤٦ من النساء : (مِنَ الَّذِينَ هادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ ...) واضح ، وتقدم في الآية ٩٣ من يونس.
١٨ ـ (ثُمَّ جَعَلْناكَ) يا محمد (عَلى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ) لقد منّ الله عليك بالقرآن ، وأيضا منّ به وبك على المؤمنين ، وهو بشريعته وأحكامه كاف واف ، فتمسك به أنت ومن اتبعك ، ودع من ضلّ وعاند بعد أن تقيم الحجة عليهم.
١٩ ـ (إِنَّهُمْ لَنْ يُغْنُوا عَنْكَ مِنَ اللهِ شَيْئاً) لا خير ترجوه منهم ولا أمل فيهم (وَإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ) لا ينصرون أهل الحق والخير ، وينصر بعضهم بعضا على
___________________________________
الإعراب : وجميعا حال من (ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ). وضمير منه يعود على الله سبحانه والمجرور متعلق بمحذوف صفة للجميع. ويغفروا مجزوم بجواب أمر محذوف أي قل لهم : اغفروا يغفروا. فلنفسه متعلق بمحذوف خبرا لمبتدأ محذوف أي فنفع صلاحه عائد لنفسه. فعليها أيضا خبر لمبتدأ محذوف أي فضرر إساءته عائد عليها. (بَغْياً) مفعول من أجله لاختلفوا و (شَيْئاً). مفعول مطلق ليغنوا أي شيئا من الإغناء.