(وَكُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ) ثابت في علمه تعالى ، ومنه إعراض من أعرض عن الحق ، وسوف يحاسب حسابا عسيرا.
٤ ـ (وَلَقَدْ جاءَهُمْ مِنَ الْأَنْباءِ) كقصص الأمم الماضية والانتقام من الجبابرة الطغاة و (ما فِيهِ مُزْدَجَرٌ) عن كل جريمة ورذيلة (وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) ٥ ـ (حِكْمَةٌ بالِغَةٌ) بلغت آيات القرآن المدى الأقصى في بيان الحجج والمواعظ (فَما تُغْنِ النُّذُرُ) إلا من سعى وراء معرفة الحق والهداية ، وفي نهج البلاغة : «من لم يعن على نفسه حتى يكون له منها واعظ وزاجر لم يكن له من غيرها لا زاجر ولا واعظ».
٦ ـ (فَتَوَلَّ عَنْهُمْ) يا محمد عن المعاندين وانتظر (يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ إِلى شَيْءٍ نُكُرٍ) المراد باليوم هنا يوم القيامة ، والنكر : الشديد الفظيع.
٧ ـ (خُشَّعاً أَبْصارُهُمْ) أذلاء خاضعين ، يخرجون من القبور (كَأَنَّهُمْ جَرادٌ مُنْتَشِرٌ) ملأ الأجواء والأرجاء.
٨ ـ (مُهْطِعِينَ) مسرعين (يَقُولُ الْكافِرُونَ هذا يَوْمٌ عَسِرٌ) شديد المخاطر والأهوال.
٩ ـ (كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ ...) كان شأن محمد (ص) مع قومه تماما كشأن نوح كذبه قومه ونسبوه إلى الجنون وزجروه عن تبليغ رسالة ربه.
١٠ ـ (فَدَعا) نوح وقال : ربي أنا ضعيف ، فانتصر أنت لدينك من أعدائك ...
١١ ـ ١٢ ـ (فَفَتَحْنا ...) تدفق الماء عليهم من السماء وتفجر من الأرض ، فالتقى الماءان ، وتكون منه بحر عظيم ، هكذا قضى الله وقدر.
١٣ ـ (وَحَمَلْناهُ عَلى ذاتِ أَلْواحٍ وَدُسُرٍ) ألواح : أخشاب ودسر : مسامير ، صنع نوح منهما السفينة.
١٤ ـ (تَجْرِي) السفينة (بِأَعْيُنِنا) بحفظ الله ورعايته (جَزاءً لِمَنْ كانَ كُفِرَ) كان الطوفان للكافرين جزاء ، ولنوح انتصارا.
١٥ ـ ١٦ ـ (وَلَقَدْ تَرَكْناها آيَةً) أي ترك سبحانه أخبار السفينة عظة لمن يعتبر ، وعبرة لمن يتعظ (فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) هل يتذكر عاقل ، فيلجأ إلى ربه ، ويتوب من ذنبه.
١٧ ـ (وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ) الهدف الأساس من الإرشاد هو الإقناع والعمل وإلقاء الحجة على من تمرد أو تردد ، ومحال أن يتحقق شيء من ذلك إن يك الإرشاد مطلسما ، ولا بد أن يتوافر فيه أمران : الأول أن يكون واضحا في بيانه ومعانيه ، الثاني أن يكون حكيما في أسلوبه ورفيقا في دعوته يتحرك لها الإحساس والوجدان ، ويستيقظ بها الفكر والعقل ، وهذا هو بالذات أسلوب القرآن الذي أشار إليه بقوله : (ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ) ـ ١٢٥ النحل».