٢٤ ـ ٢٥ ـ (وَلَهُ الْجَوارِ الْمُنْشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلامِ) الجواري : السفن ، والمنشآت : المصنوعات ، والأعلام : الجبال ، وتقدم في الآية ٣٢ من الشورى.
٢٦ ـ ٢٨ ـ (كُلُّ مَنْ عَلَيْها فانٍ وَيَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ) أي ذاته القدسية ، لأنه الأول بلا أول كان قبله ، والآخر بلا آخر يكون بعده.
٢٩ ـ ٣٠ ـ (يَسْئَلُهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) جميع الكائنات تفتقر إلى الله في وجودها وبقائها وشتى أحوالها ، ولو تخلى عنها طرفة عين لم تكن شيئا مذكورا (كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ) ضمير هو يعود إلى اليوم ، والمراد باليوم هنا كل شيء يفنى ، والمعنى ما من شيء فان في هذا الكون إلا ويتغير في كل يوم بل في كل لحظة شئنا أم أبينا ، ويقال : ان هذه الحقيقة كانت طي الكتمان حتى اكتشفها العلم الحديث ولكن القرآن أعلنها بصراحة قبل ١٤ قرنا ، وذكرها أهل بيت الوحي والنبوة في كلامهم أكثر من مرة ، فقد روى الكليني في الجزء الأول من أصول الكافي ص ١٤١ طبعة سنة ١٣٨٨ ه ـ أن الإمام أمير المؤمنين (ع) خطب خطبة في تعظيم الله ، ابتدأها بقوله : الحمد لله الذي لا يموت ، ولا تنقضي عجائبه لأن كل يوم في شأن من احداث بديع ـ أي جديد ـ لم يكن» وفي ص ٢٢٥ أن الإمام جعفر الصادق (ع) قال : العلم لا ينتهي لما يحدث بالليل والنهار يوما بيوم وساعة بساعة ٣١ ـ ٣٢ ـ (سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلانِ) أي سنحاسبكم ، وهو تهديد لمن أذنب وتمرد ، وفي تفسير البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي : سمي الإنس والجان بالثقلين لثقلهما على وجه الأرض ، وفي الحديث إني تارك فيكم الثقلين : كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، سميا بذلك لعظمهما وشرفهما.
٣٣ ـ ٣٤ ـ (يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطارِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطانٍ) حين وصل الإنسان إلى القمر اتخذ منه الصهاينة وغيرهم من أعداء الإسلام وسيلة للطعن بالقرآن ، لأن هذه الآية تقول : لا ينفذ الإنسان من أقطار السموات والأرض ، وقد نفذ! وهذا عين التدليس والتبليس ... فقد ثبت بالحس والعيان أن آيات القرآن تزداد قوة ووضوحا كلما تقدم الزمن والعلم ، ومنها هذه الآية ، ولعلها أوضح الآيات في الدلالة على هذه الحقيقة لأن المراد بأقطار السموات والأرض الكون بكامله لا خصوص القمر أو المريخ أو أي كوكب من الكواكب ، وقد أثبت العلم الحديث أن الكون لا حد له ولا نهاية ، كما في الآية ٤٧ من الذاريات ، وأن هناك كواكب وموجودات لا يستطيع الإنسان الوصول إليها حتى ولو سافر بسرعة الضوء ، بل ولا العلم بها حتى بالأجهزة العلمية المتقدمة لأن بين الأرض وبين بعض النجوم ملايين السنين الضوئية ، ومعنى هذا أن الإنسان إذا وصل إلى ألف كوكب من الكواكب المعروفة فهو أعجز من أن ينفذ إلى الكون بكامله ، هذا إلى أن المقصود الأول من الآية أن المجرم لا يستطيع الفرار من عذاب الله وعقابه إلا بالتوبة والإقلاع عن الذنب ، وعليه يكون المراد بالسلطان هنا التوبة أي الفرار من عذاب الله إلى رحمة الله.
٣٥ ـ ٣٦ ـ (يُرْسَلُ عَلَيْكُما شُواظٌ مِنْ نارٍ وَنُحاسٌ فَلا تَنْتَصِرانِ) قالوا : الشواظ لهب بلا دخان كالغاز والمراد بالنحاس هنا دخان بلا لهب ، ومهما يكن فإن القصد الإشارة إلى أهوال الساعة وآلامها.