٧٣ ـ ٧٤ ـ (نَحْنُ جَعَلْناها تَذْكِرَةً) موعظة تذكر بالبعث ، لأن من أخرج النار من الشجر الأخضر يحيي الخلق بعد موته ٧٥ ـ (فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ) قال أكثر المفسرين : أن «لا» زائدة إعرابا مثل (لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتابِ) أي ليعلم وعليه يكون المعنى أقسم بمنازل النجوم.
٧٦ ـ (وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ) أي لستم من أهل العلم بالنجوم وعالمها كي تدركوا أن الله سبحانه ما أقسم بها إلا لعلمه بعظمتها ، وهنا يكمن السر لاعجاز القرآن حيث يستحيل على محمد (ص) أن يدرك بوعيه وثقافته ما في عالم النجوم من عجائب وغرائب ، ولما تقدم العلم اكتشف أن في الكون مجرات لا تعد ولا تحصى ، وان كل مجرة تمتد في الفضاء إلى ما شاء الله ، وعلى سبيل المثال قرأت في العدد الثالث من المجلد الأول لمجلة عالم الفكر الكويتية مقالا بعنوان غزو الفضاء للدكتور فؤاد صروف ، جاء فيه : «لو امتطينا صاروخا سرعته كسرعة الضوء أي ثلاث مائة ألف كيلومتر في الثانية لأستغرق السفر من طرف مجرة واحدة إلى طرفها الآخر مائة ألف سنة» هذه مجرة واحدة من ملايين وربما من ملايين البلايين ، وهنا ندرك السر في قوله تعالى : ان القسم بالنجوم عظيم لو تعلمون ما هو عالم النجوم. وبعد فهل القرآن من محمد أو من خالق الكون ونجومه؟.
٧٧ ـ ٨٠ ـ (إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ فِي كِتابٍ مَكْنُونٍ لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ) هو كريم وعظيم بعقيدته التي تحتم التسليم لله والحق وحده ، وبشريعته التي تقيس الإنسان بعمله ، ولا ترى له من فضل على غيره إلا أن يترك لأخيه الإنسان شيئا جديدا ومفيدا ، وهو أيضا في كتاب مكنون أي في حصن حصين من التحريف ، لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، وهو طاهر في نفسه مطهر من الرذائل والجرائم لمن آمن به وعمل ولذا لا يسوغ بحال أن يمسه أحد من بني الإنسان إلا الذين تطهروا من الأحداث المعروفة. ثم أخبر سبحانه أن القرآن من الله لا من سواه ، ووجه هذا السؤال للمكذبين :
٨١ ـ (أَفَبِهذَا الْحَدِيثِ أَنْتُمْ مُدْهِنُونَ) المراد بالحديث هنا القرآن ، والمعنى كيف تتهاونون بالقرآن أو ترتابون فيه ، وهو حجة لازمة وكافية على كل عالم وعاقل لما فيه من دلائل واضحة ترشده إلى الغاية الأولى من وجوده وحياته؟
٨٢ ـ (وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ) المراد من الرزق هنا الحظ أي أتجعلون حظكم من القرآن التكذيب به؟
٨٣ ـ ٨٤ ـ (فَلَوْ لا إِذا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ) إذا خرجت الروح من جسد أحدكم ـ أيها المشككون في البعث ـ أو كادت فهل يستطيع أن يردها إليه أو يبقيها فيه؟
٨٥ ـ (وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ) هذا تعبير عن قدرة الله سبحانه على البعث ، لأنه هو الذي يضع الروح في الجسم ويخرجها منه ومن قدر على ذلك يقدر على إعادتها إلى الجسم مرة ثانية ٨٦ ـ ٨٧ ـ (فَلَوْ لا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ تَرْجِعُونَها) إذا كنتم غير مبعوثين ولا مسؤولين عن شيء فادفعوا الموت عن أنفسكم أو أرجعوا أرواحكم إلى أجسادكم بعد الموت إن كنتم صادقين فيما تدعون ، والهدف الأول من ذلك إظهار عجزهم ، وانهم في قبضة الله تعالى حياة وموتا وبعثا ، وعليهم أن يستسلموا لأمره ، ويؤمنوا بقوله ٨٨ ـ (فَأَمَّا إِنْ كانَ) المتوفى (مِنَ الْمُقَرَّبِينَ) ختم سبحانه هذه السورة بما ابتدأها من آيات ، وكررها بأسلوب