٥٤ من الأعراف (يَعْلَمُ ما يَلِجُ فِي الْأَرْضِ) ما في أعماقها من ثروات وطاقات يصنع منها قوى الشر قنابلهم النووية لإبادة البشرية (وَ) أيضا يعلم سبحانه (ما يَخْرُجُ مِنْها) كالنفط وغيره من المعادن ، وأيضا يعلم أين يذهب وفي أي شيء يصرف ، ولا مفرّ من الحساب والعقاب غدا أو بعد غد (وَما يَنْزِلُ مِنَ السَّماءِ) من خيرات (وَما يَعْرُجُ فِيها) كالطائرات التي تحمل القنابل لتلقيها على الآمنين ، والأقمار الصناعية التي تدرس ثروات الأرض لاغتصابها واحتكارها ، وأخرى تستعمل في أغراض التجسس على عباد الله وعياله ، وفي مجلة الحوادث البيروتية تاريخ ١٠ ـ ٢ ـ ١٩٧٨ : يدور الآن فوق رؤوسنا ٥ آلاف قمر صناعي على الدوام (وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) ان حقوق الإنسان لن تذهب هدرا ، والمعتدون عليها لن يفلتوا من الحساب والعقاب ، وإن تسلحوا بالنار والحديد وملكوا المصانع والمفاعل النووية ، فإن سلاح الحق أقوى وأمضى من كل سلاح.
٥ ـ (لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ) هذا تهديد ووعيد لكل طاغ وباغ بأن أعماله محفوظة عند الله ، وأنه مرتهن بها ومحاسب عليها.
٦ ـ (يُولِجُ اللَّيْلَ ...) تتحرك الأفلاك ، وتتعدد الفصول ، فيطول النهار ويقصر الليل في فصل ، وتنعكس الآية في فصل ، ويتساويان في بعض الأيام ، وتقدم في العديد من الآيات ، منها في الآية ٢٧ من آل عمران.
٧ ـ (آمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ) إذا ملّك الإنسان شيئا لآخر تنقطع الصلة بينه وبين ما كان يملك ، ويصبح أجنبيا عنه ، سواء أكان التمليك بعوض أم بالمجان ، أما الخالق الرازق إذا منح ووهب فيبقى الشيء الموهوب والممنوح في قبضته تعالى أكثر مما هو في قبضة الموهوب له ، لأن العبد وما ملكت يداه في قبضة مولاه ، ولا يسوغ له التصرف إلا في الجهة المأذون بها ، وهذا هو المراد بمستخلفين ، وفي الآية ٣٣ من النور (آتُوهُمْ مِنْ مالِ اللهِ) وعليه تكون صلة الأغنياء بأموالهم صلة الوكيل الأمين لا صلة المالك المستبد (فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ) على الطاعة والوفاء بالعهد والأمانة في الإنفاق من مال الله على عيال الله.
٨ ـ (وَما لَكُمْ لا تُؤْمِنُونَ ...) هذا السؤال موجّه لكل من كفر بالله والرسول واليوم الآخر ، ومؤداه أن الرسول قد دعاكم إلى الإيمان بالحق ، وأقام عليكم الحجج والبراهين ، والله سبحانه قد أودع فيكم عقلا لو أحسنتم استعماله لأدّى بكم إلى الإيمان ، وهذا هو المراد بالميثاق هنا (إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) أي إن أردتم الإيمان بالحق ، وسعيتم له سعيه.
٩ ـ (هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلى عَبْدِهِ آياتٍ بَيِّناتٍ) حججا واضحات ليخرج الناس من ظلمة الجهل إلى نور العلم ، هذي هي رسالة محمد ، وهذا هو الإسلام : القضاء على الجهل والتقليد ، والعمل بالعلم والعقل ، فهل بعد هذا يقال : ما الدليل على أن الإسلام حق؟ إن الإسلام هو الحق والعدل والصدق يستدل به ولا يستدل عليه لأنه يحمل في طبيعته وأصل تكوينه الدليل الكافي على صدقه.
١٠ ـ (وَما لَكُمْ أَلَّا تُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللهِ وَلِلَّهِ مِيراثُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) لا شيء للإنسان من ماله إلا ما أكل فأفنى ، أو ليس فأبلى ، أو تصدق فأمضى كما في الحديث ، وما عدا ذلك فللوارث والحوادث ، فإذا فني الناس ، كل الناس ،