يَعْلَمُونَ) أنهم كاذبون في كل ما يقولون ، وهكذا كل من لا يؤمن بقيمة ودين لا يرى فرقا بين الصدق والكذب والفضيلة والرذيلة.
١٦ ـ (اتَّخَذُوا أَيْمانَهُمْ جُنَّةً) سترا ووقاية يدفعون بها عن أنفسهم وأموالهم (فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ) ظن بهم الصدق والإخلاص من يجهل حقيقة أمرهم فخدعوه بالأكاذيب وتاه عن الحق.
١٧ ـ (لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ) كل القوى مجتمعة لا تدفع عنهم شيئا حين يجدّ الجد وتأتي ساعة الفصل.
١٨ ـ (يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللهُ جَمِيعاً فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَما يَحْلِفُونَ لَكُمْ) في يوم القيامة مواقف. منها ما يعجز الإنسان فيها عن الكذب ومحاولة التمويه والخداع ، ومنها ما يرجع فيها إلى طبيعته وعادته في الحياة الدنيا ، وفي هذا الموقف يحلف المنافقون كاذبين كما كانوا يفعلون في دار البوار والأقذار (وَيَحْسَبُونَ) أن أيمانهم الفاجر. تدفع عنهم العذاب. ذلك ظن الذين كفروا بالله ، وما لهم من عذابه وليّ ولا واق.
١٩ ـ (اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطانُ) أعمتهم الأهواء عن الهدى والخير فانصرفوا بكلهم إلى الشر والضلال (أُولئِكَ حِزْبُ الشَّيْطانِ) دعاهم إلى النار فاستجابوا وأقبلوا. ودعاهم الرّحمن إلى الجنة فنفروا وولّوا ، وهكذا الجاهل والضال يمكن عدوه من نفسه بنفسه.
٢٠ ـ (إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللهَ وَرَسُولَهُ أُولئِكَ فِي الْأَذَلِّينَ) يحادون الله : يخالفون أحكامه ، ويتجاوزون حدوده عنادا وشقاقا. ومن يفعل ذلك فمصيره الخزي والهوان.
٢١ ـ (كَتَبَ اللهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي) الغلبة في الآخرة لأهل الحق من غير شك ، أما في الدنيا فهم الغالبون بالحجة والبرهان في شتى الأحوال ، وكذلك في خلود الذكر وجميل الأحدوثة ، وكثيرا ما تكون الغلبة على الطغاة بالانتفاضات التحررية ، وتقدم في الآية ٣٨ من الحج وغيرها.
٢٢ ـ (لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كانُوا آباءَهُمْ ...) تنص هذه الآية بصراحة لا تقبل التأويل أن الإيمان بالله واليوم الآخر يستحيل أن يجتمع مع محبة الطغاة الكفرة وقوى الشر الفجرة وتقدم
___________________________________
الإعراب : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ) تعدت «تر» هنا بإلى لأنها متضمنة معنى تنظر. و (شَيْئاً) مفعول مطلق. و (أَلا) أداة تنبيه. (لَأَغْلِبَنَ) اللام في جواب كتب لأن فيه معنى القسم. وجملة (يُوادُّونَ) مفعول ثان لتجد. و (خالِدِينَ) حال. وألا أداة تنبيه.