فِيهِ لَما تَخَيَّرُونَ) هل نزل وحي من السماء يقول : ان أصحاب الجاه والمال لهم عند الله غدا ما يحبون ويشتهون؟
٣٩ ـ (أَمْ لَكُمْ أَيْمانٌ عَلَيْنا بالِغَةٌ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ إِنَّ لَكُمْ لَما تَحْكُمُونَ) هل حلف الله لكم أيمانا مغلظة ومؤكدة أن يجعل الأمر بيدكم يوم القيامة في كل ما تختارونه لأنفسكم من خير وكرامة.
٤٠ ـ (سَلْهُمْ أَيُّهُمْ بِذلِكَ زَعِيمٌ) سل يا محمد الذين يدعون شيئا من ذلك : من الذي ضمن لهم تنفيذ ما يدعون؟
٤١ ـ (أَمْ لَهُمْ شُرَكاءُ) أو أصنامهم هي الكفيل بتنفيذ كل ما يدعون ، فإن تك للأصنام هذه المكانة فليأتوا بها ، وتفعل لهم ما يشتهون.
٤٢ ـ (يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ) كناية عن أهوال القيامة وشدائدها وفي الأشعار : «شالت الحرب عن ساقها». أي ان نساء المغلوب تشمر عن ساقها للهرب. وفي الجزء السادس من صحيح البخاري بعنوان : (ن وَالْقَلَمِ) حديث عن النبي (ص) : «يكشف ربنا عن ساقه ، فيسجد له كل مؤمن ومؤمنة» وفي الآية ٣٠ من ق ذكرنا أن البخاري نقل عن النبي أن الله يضع قدمه في جهنم فتقول قط قط وأشرنا إشارة خاطفة إلى معارضة هذا الحديث للعقل والوحي (وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ) كناية عن أن الذي لم يك قد آمن بالله وسجد له في دار الدنيا ـ لا يملك شيئا يوم القيامة يدفع عنه غضب الله وعذابه.
٤٣ ـ (خاشِعَةً أَبْصارُهُمْ) الخشوع للقلب لا للبصر. وكنى به سبحانه عن الذلّ والهوان الذي تظهر دلائله في الأبصار بدليل قوله بلا فاصل : (تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كانُوا) في الدنيا (يُدْعَوْنَ) إلى الإيمان بالله والعبادة له ، فيمتنعون وهم في تمام الصحة والأمن والأمان ، فاستحقوا من الله أليم العذاب ٤٤ ـ ٤٥ ـ (فَذَرْنِي وَمَنْ يُكَذِّبُ بِهذَا الْحَدِيثِ) يقول سبحانه لنبيّه الكريم : لا تشغل قلبك بمن كذب بك وبالقرآن ، فقد أعلنت عليه الحرب وسأتولى أنا بنفسي الانتقام منه (سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ) المراد بالاستدراج هنا المد والإمهال ، ثم العقاب بما يستحقون ، قال سبحانه : (أَيَحْسَبُونَ أَنَّما نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مالٍ وَبَنِينَ نُسارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْراتِ) ـ ٥٥ ـ ٥٦» المؤمنون والقرآن يفسّر بعضه بعضا (إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ) أي تدبيره تعالى محكم وعظيم.
٤٦ ـ (أَمْ تَسْئَلُهُمْ أَجْراً فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ) المغرم بالغين وفتح الراء : الغرامة ، والمعنى لو طلبت أجرا على التبليغ لاستثقلوا منك هذا الطلب ، وتقدم في الآية ٤٠ من الطور.
٤٧ ـ (أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ) هل أطلعوا على علمه تعالى ، فنقلوا منه أنهم في حصن حصين من عذابه ؛ وتقدم في الآية ٤١ من الطور.
٤٨ ـ (فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ) يا محمد ، ولا يضق صدرك بقومك كما ضاق صدر يونس (إِذْ نادى) في بطن الحوت ، (وَهُوَ مَكْظُومٌ) مملوء غيظا.
٤٩ ـ (لَوْ لا أَنْ تَدارَكَهُ نِعْمَةٌ مِنْ رَبِّهِ) تدارك يونس نفسه ونظر إليها ، فتداركه سبحانه ونظر إليه ، فأمده بتوفيقه وعنايته ، ولو لا ذلك لقذفه الحوت من بطنه في العراء ملوما.