٤ ـ (يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ) أي ما تقدم منها على الإيمان لأن الإيمان يجب ما قبله ، أما الذنوب بعد الإيمان فيحاسبون عليها ، وإلى هذا تومئ كلمة «من» الأمر الثالث (وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ أَجَلَ اللهِ إِذا جاءَ لا يُؤَخَّرُ) ان استجبتم لدعوتي يمهلكم سبحانه حتى تستوفوا العمر الطبيعي المحتوم وإلا عجل واستأصل شأفتكم بالطوفان ونحوه (لَوْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) يا ليتكم تعلمون لتسرعوا إلى الإيمان.
٥ ـ (قالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلاً وَنَهاراً) دائما ومواظبا ٦ ـ (فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعائِي إِلَّا فِراراً) ثابر وواظب نوح على الدعوة ، وثابروا بدورهم وواظبوا على النفور والعناد.
٧ ـ (وَإِنِّي كُلَّما دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ) سدوها دون دعوة الداعي (وَاسْتَغْشَوْا ثِيابَهُمْ) تغطوا بها كيلا يروا وجه الداعي (وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْباراً) على الحق والانقياد له.
٨ ـ ٩ ـ (ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهاراً ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنْتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ) قال جماعة من المفسرين في وجه الجمع بين الجهر والإعلان : بدأ نوح بالدعوة سرا ، ثم ثنى بالمجاهرة ، ثم ثلث بالجمع بين الإسرار والإعلان ، أما نحن فنختار ما قاله الدكتور طه حسين في كتاب مرآة الإسلام ، ونلم منه هذه الشذرات : «للقرآن أسلوب خاص به لم يسبق إليه ، ولم يلحق فيه ... ويختلف أشد الإختلاف عما يكتبه الناثرون وينظمه الشعراء ، ويقوله الخطباء ... القرآن يتلى في الإذاعات الأوروبية والأميركية على أنه إمتاع للمستمعين ... وقد يذاع غيره من اللغات ، ولكن بعض الحين لا دائما كما يذاع القرآن الكريم» وعليه فلا يسوغ أن نقيس كلام الله على كلام البشر ونقول : لما ذا أعاد وكرر؟ ثم نتمحل في التوجيه والتأويل.
١٠ ـ (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كانَ غَفَّاراً) لكل من يندم على خطيئته ، ويلجأ إلى الله ومغفرته.
١١ ـ (يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً) مطرا كثيرا ومتواصلا ، ويستحب قراءة سورة نوح في صلاة الاستسقاء من أجل هذه الآية كما قيل.
١٢ ـ (وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهاراً) كل مجتمع يؤمن بالله ولم يعص له أمرا يعيش في سلام وهناء دنيا وآخرة بحكم البديهة ، لأن معنى إطاعة الله في أمره ونهيه أن يسود الأمن والعدالة الاجتماعية.
١٣ ـ (ما لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقاراً) لا تهابون نكاله وعذابه.
١٤ ـ (وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْواراً) نطفة ثم علقة. وهكذا إلى الهرم والشيخوخة.
١٥ ـ (أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللهُ سَبْعَ سَماواتٍ طِباقاً) تأملوا الكون ونظامه وإتقانه الذي يدل على وجود المكون والمنظم وقدرته وعظمته ، وتقدم في الآية ٣ من الملك وغيرها.
١٦ ـ (وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُوراً وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِراجاً) فيهن أي في مجموع السموات. وصف سبحانه الشمس بالسراج