وكذلك ما يصدر منه عبثا مع العلم بتضرر غيره منه ضررا معتدا به ، لا دليل على جوازها أصلا فإنها خارجة عن حدود السلطنة العرفية العقلائية في باب الأموال كما لا يخفى على الخبير بأحوال العقلاء واعتباراتهم وأمثلتها.
والوجه فيه ان سلطنة المالك على ماله كسائر الاعتبارات العقلائية لها حدود معلومة لا يتعدى منها ، ومن يتعد حدودها فهو خارج عن حيطة اعتباراتهم ، ولعل من ذلك ما ذكروه من مثال جعل حانوت حداد في صف العطارين مما يوجب تضررا فاحشا على جيرانه ، أو جعل داره مدبغة عظيمة يتأذى منه جيرانه ويشتد عليهم الأمر إلى حد بعيد لا يتحمل عادة ، فهل ترى العقلاء من أهل العرف يجوزون ذلك وهل يرون دائرة سلطنة المالك على ماله تشتمل هذه النواحي؟
وبذلك يظهر ان قاعدة السلطنة في حد ذاتها قاصرة عن شمول الصورة الرابعة من صور المسألة المتقدمة ، بل الصورة الثالثة أيضا ، حتى مع قطع النظر عن ورود أدلة لا ضرر.
اما إذا كان تصرف المالك في ماله لغرض عقلائي في حدوده المتعارفة المعمولة فيما بينهم ولكن لزم منه ضرر على غيره ولزم من تركه ضرر عليه أو فات منه بعض المنافع ؛ فهو أيضا على قسمين لأنه تارة يكون صدق عنوان الإضرار بالغير ملازما لصدق عنوان التصرف في ماله أيضا ، بأن يكون تصرف المالك في ماله مستلزما لتصرف ضرري في مال غيره ، ولو بعنوان التسبيب ، كما إذا حفر بئرا في داره خرج منه نضيض كثيرا سقط جدار الجار أو أسقط بعض بيوته عن حيز الانتفاع ، فإنه لا إشكال في صدق التصرف في ملك الغير بحفر البئر ولو بعنوان التسبيب في هذا المثال وأشباهه.
واخرى لا يصدق عليه هذا العنوان وان لزم منه تضرره ، كما إذا رفع جداره على جانب جدار جاره بما يتضرر به ويتنزل قيمة داره ، ولعل منه ما ذكروه ـ وورد في الروايات أيضا من ـ نقص ماء قناة لحفر قناة أخرى في أرض قريبة منها ، وكذا فساد ماء بئر جاره لحفر البالوعة في داره في مكان قريب منه في بعض الصور لا في جميعها كما لا يخفى. وإذ قد عرفت ذلك فاعلم انه ان كان من قبيل القسم الأول فهو من باب تعارض الضررين والسلطنتين ؛ فكما ان قاعدة السلطنة مع قطع النظر عن أدلة لا ضرر جارية في حق هذا