منهما الضرر عليهما حتى يتعارضان ، نعم بعد شمول أدلة نفى الضرر لجواز تصرف المالك ينشأ منه حكم ضرري على المالك وهو عدم سلطنته على تصرفه في ماله بهذا النحو من التصرف ؛ ولكن من المعلوم ان هذا الحكم انما نشأ من ناحية أدلة لا ضرر ولا يعقل ان يكون منفيا بها وفي عرضها ، فليس المقام من باب تعارض الضررين.
واما فساد الكبرى (يعنى عدم جواز الرجوع الى قاعدة السلطنة وأدلة نفى الحرج بعد تعارض الضررين) فقد ذكر في وجهه ما حاصله : ان الرجوع الى العام عند تعارض المخصصات انما يصح في موارد تعارض المخصص مع ما في رتبته ، واما إذا تولد من تخصيص العام بمخصص ، فرد آخر من سنخ المخصص ، ووقع التعارض بين هذين الفردين من افراد المخصص ، فذلك لا يوجب الرجوع الى العام ، والمقام من هذا القبيل فإن حكومة أدلة نفى الضرر على عموم تسلط الناس على أموالهم أوجب الحكم بعدم جواز تصرف المالك بذاك النحو من التصرف وهذا الحكم ضرري بالنسبة إلى المالك وان شئت قلت : التعارض هنا بين مصداقين لمخصص معلوم لا بين دليلين مختلفين أحدهما مخصص للعام إجمالا. هذا كله بالنسبة الى عدم جواز الرجوع الى قاعدة السلطنة ، واما عدم جواز الرجوع الى دليل نفى الحرج فلان الرجوع اليه انما يصح إذا كان حاكما على دليل نفى الضرر وهو ممنوع. انتهى كلامه ملخصا.
أقول ـ وما افاده قدسسره قابل للنقد من جهات شتى ، ولنذكر أولا ما عندنا في حكم المسألة بجميع صورها ؛ ثمَّ لنشر الى مواضع الاشكال فيما افاده تحقيقا للحق وتوضيحا للمختار اما الأول :
***
لا ينبغي الإشكال في أن قاعدة السلطنة مع قطع النظر عن دليل لا ضرر قاصرة عن شمول بعض أنحاء التصرف في المال ، فإنها انما تدل على جواز تصرف المالك في ماله بما جرت عليه سيرة العقلاء من أنحاء التصرفات ، ولا دليل على جوازها فيما عداها ؛ ومنه يظهر حال كثير من الأمثلة التي ذكروها في المقام فان التصرفات التي لا يكون في فعلها نفع للمالك ولا في تركها ضرر عليه عادة وانما يقصد بها مجرد الإضرار بغيره ،