هذا المعنى ، لأنها جرت على ترتيب آثار الصحة الواقعية على العقود والإيقاعات الصادرة عن الغير وعباداتهم النيابية وأداء الواجبات الكفائية وغيرها من غير تحقيق وتفحص عن حال فاعليها ومعتقدهم ، مع ما يرى من الاختلاف الشديد بينهم في أحكام العبادات والمعاملات ، لا سيما مع ملاحظة ان هذه القاعدة تعم المخالفين أيضا وتدل على حمل أفعالهم على الصحة وترتيب آثارها عليها فيما لا يشترط فيه الولاية ، ومخالفتهم لنا في كثير من الفروع الفقهية واضح لكل احد ، ولم يعهد السؤال عن مذهب الفاعل أو الفحص عنه بطريق آخر.
نعم هاهنا صورتان قابلتان للبحث :
الاولى ـ ما إذا علم تفصيلا اعتقاد الفاعل ومخالفته لمعتقد الحامل بالكلية بحيث لم يجمعهما جامع ؛ كما إذا اعتقد الفاعل وجوب الجهر بالبسملة في الصلوات الإخفائية حينما يعتقد الحامل حرمته. فان حمل فعله على الصحة هنا ـ من باب احتمال مصادفته للواقع ولو سهوا منه ـ مشكل جدا ، لعدم جريان شيء من الأدلة السابقة فيه. وان هو الا الحمل على الفساد بالنظر الى معتقد فاعله.
الثانية ـ ما إذا علم جهل الفاعل بالحكم أو الموضوع أو كليهما علما تفصيليا كمن لا يعلم ترتيب اجزاء الوضوء أو الصلاة أو غيرهما ويأتي بها من غير علم بأحكامها ولكن يحتمل مطابقتها للواقع أحيانا من باب الصدفة والاتفاق ، والحمل على الصحة الواقعية هنا أيضا مشكل ؛ وان كان أخف اشكالا من الصورة الاولى ؛ ولذا اختار «المحقق الأصفهاني» قدسسره في تعليقاته على الكفاية الحمل عليها في هذه الصورة وادعى قيام السيرة عليها خصوصا بعد ملاحظة جهل غالب العوام بالأحكام.
وفيه ـ انه لم يثبت استقرار السيرة في الموارد التي يعلم فيها علما تفصيليا بجهل فاعلها في خصوص مسائل معينة ، نعم لا يبعد جريانها في موارد يعلم إجمالا بجهلهم ببعض المسائل أو بكثير منها ، لان غالب العوام ـ لا سيما أهل البوادي ومن ضاهاهم ـ من هذا القبيل ، مع انه لا إشكال في حمل أفعالهم على الصحة الواقعية وترتيب آثارها عليها.