مضافا الى ما قد يقال من : ان أصالة الصحة بالنسبة إليهما من قبيل الأصول السببية فإن الشك في بقاء شغل الذمة في العبادات ، أو حصول آثار المعاملات من النقل والانتقال وغيرها ، مسبب عن صحة العمل العبادي أو العقد الصادر من عاقده ، هذا حالها بالنسبة إلى «أصالة الفساد».
واما بالنسبة إلى «الأصول الموضوعية» الجارية في موارد قاعدة الصحة فلا إشكال في تقدم القاعدة عليها أيضا ، اما بناء على كونها من الامارات المعتبرة فظاهر ؛ واما بناء على عدها من الأصول العملية فلما عرفت في أصالة الفساد من لزوم اللغوية ، فإنه قلما يوجد مورد يجرى فيه أصالة الصحة الا ويوجد هناك أصول موضوعية على خلافها ؛ مثلا إذا شك في صحة العبادة من جهة الشك في الطهارة أو الاستقبال أو غيرهما فأصالة عدم هذه الأمور تدل على فسادها كما انه إذا شك في صحة عقد من العقود ، من جهة الشك في معلومية العوضين أو الإنشاء الصحيح أو القدرة على التسليم أو غير ذلك ؛ فأصالة عدم هذه الأمور تقتضي فساده ؛ لان علم المتعاقدين وقدرتهما وصدور الإنشاء الصحيح منهما كلها أمور حادثة ، مسبوقة بالعدم ؛ فاذن لا يبقى لأصالة الصحة إلا موارد طفيفة.
لا يقال : ان شرائط المتعاقدين أو العوضين ليست دائما من الأمور الوجودية المسبوقة بالعدم ؛ فإن منشأ الشك قد يكون من ناحية زوال قدرة المتعاقدين أو علمهما بعد القطع بوجوده ، ومثل هذا كثير جدا ؛ فاذن لا يبقى مجال للقول بلزوم اللغوية على فرض تقديم الأصول الموضوعية عليها.
لأنا نقول : ان ما لا يكون مسبوقا بالعدم فالغالب معلومية سبق وجودها ، كما إذا شك في بقاء المتعاقدين أو العوضين على ما كانا عليه من شرائط الصحة ومن الواضح ان اعتبار أصالة الصحة في هذه المقامات أيضا لغو للاستغناء عنها بالأصول الوجودية الجارية في مجراها فتدبر. واما الموارد التي لا يعلم حالها من الوجود والعدم فقليلة جدا ، لا يمكن تنزيل القاعدة عليها.