ماله ثمَّ ادعى بعد يوم انه اشتراه بنفسه عن مالكه أو وهبه إياه فلا شك في قبول قوله ؛ وانقلاب يد الوكالة يد الملك ، وكذا إذا رأينا أحدا يسكن دارا يدعى انه استأجره ، ثمَّ رأيناه يدعى انه اشتراه من مالكه ولم يكن متهما ، فلا ريب في قبول قوله وانقلاب يد الاستيجار يد الملك وأمثلته كثيرة جدا.
الثانية : إذا كان الفاعل متهما في فعله ، فإنه يشكل حمل فعله على الصحيح ، والمراد من الاتهام وجود قرائن ظنية خارجية توجب الظن بالفساد عادة لمن اطلع عليها لا كل ظن شخصي ؛ من اى واد حصل.
وذلك كما إذا ادعى من كان وكيلا في شراء أموال كثيرة تحتاج الى الكيل أو الوزن انه اشتراها مراعيا لجميع شروط الصحة فيها من الكيل والوزن اللازمين وغيرهما ، في وقت لا يسعه عادة ، فإنه وان كانت مراعاة تلك الشروط ممكنة في حد ذاتها على خلاف العادة الا ان العادة تقضى بخلافها ، وهذه قرينة ظنية توجب سوء الظن بدعواه واتهامه فيما يقول لغالب الناس. وكذا إذا ادعى الأجير في الصلاة وغيرها انه اتى بصلوات كثيرة مراعيا لجميع اجزائها وشرائطها من الطهارة والموالاة وغيرهما في وقت لا يسعها عادة ، الى غير ذلك من الأمثلة. والركون الى القاعدة في تصحيح هذه الافعال عند الشك في صحتها مشكل جدا.
والوجه فيه ما عرفت نظيره في الصورة السابقة من قصور أدلة حجيتها ـ وعمدتها السيرة المستمرة بين العقلاء ـ عن شمول هذه الموارد كما هو ظاهر لمن تتبعها. ولا أقل من الشك وهو كاف في الحكم بعدمها في أمثال المقام.
هذا ويمكن القول برجوع الصورة الأولى إليها أيضا ، فإن بيع الوقف بدعوى وجود المسوغ وأمثاله من مظان التهمة غالبا ويكون مدعيه متهما فيما يدعيه فتدبر.