ويرد عليه أيضا ما أوردناه على ما تقدمه ، من مخالفته للأخبار الحاكية لاستدلال المعصومين عليهمالسلام بها لنفي الأمور الحرجية ؛ كما انه مخالف لفهم فقهاء الأصحاب المستدلين بها في فروع كثيرة.
هذا مضافا الى عدم تماميته في نفسه لان مجرد ترتب الأجر الجميل والثواب الجزيل على شيء لا يمنع عن صدق العسر والحرج عليه ، مثلا نقل الصخور العظيمة من قلل الجبال ، أو تحمل منن اللئام ؛ من الأمور العسرة الحرجية وان كان في مقابلها أجور جزيلة. نعم ترتب الأجر والثواب عليها يكون داعيا على الإتيان بها ومصححا لارتكابها عند العقلاء لا انه مانع عن صدق عنوان العسر والحرج عليه.
ويشهد على ذلك ظهور بعض الايات وصراحة بعض الاخبار الماضية في ثبوت تكاليف عسرة حرجية في حق الأمم الماضية ، مع انه لا ينبغي الشك في ترتب أجور جميلة على طاعاتهم وامتثالاتهم ؛ فهذا دليل على انه لا منافاة بين صدق عنوان الحرج والعسر على شيء مع ترتب الأجر الجميل عليه.
والحاصل ان العسر والحرج وان كان يختلف باختلاف بعض العوارض الخارجية ـ كغير هما من العناوين ـ الا ان اختلافها بمجرد ترتب الأجر والثواب الأخروي أو الأجور الدنيوية عليهما ممنوع جدا.
الرابع ـ ما اختاره المحقق النراقي وجعله الطريق الوحيد في حل الاشكال بحذافيره وإليك نص عبارته :
«انه لا حاجة الى ارتكاب أمثال هذه التأويلات والتوجيهات بل الأمر في قاعدة نفى العسر والحرج كما في سائر العمومات المخصصة الواردة في الكتاب الكريم والاخبار الواردة في الشرع القويم ؛ فإن أدلة نفى العسر والحرج تدل على انتفائهما كلية ، لأنهما لفظان مطلقان واقعان موقع النفي فيفيدان العموم ، وقد ورد في الشرع التكليف ببعض الأمور الشاقة والتكاليف الصعبة أيضا ولا يلزم منها ورود إشكال في المقام كما لا يرد بعد قوله سبحانه (وَأُحِلَّ لَكُمْ ما وَراءَ ذلِكُمْ) إشكال في تحريم كثير مما ورائه ، ولا بعد قوله : «(قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً) إلخ» تحريم أشياء كثيرة ؛