فلو كان لحاظ الكل واجزائه في خطاب واحد مستحيلا جرى ذلك في الجزء وو اجزاء الجزء.
ومما ذكرنا تعرف عدم الحاجة في حل الإشكال إلى تكلف القول بأن الأدلة الواردة في المسئلة متكفلة لحكم قاعدة الفراغ عن العمل فقط ، فالمجعول أولا وبالذات هو هذه القاعدة ، الا أن الأدلة الخاصة الواردة في باب إجزاء الصلاة تنزل اجزائها منزلة الكل ، فحصل للقاعدة فردان : فرد حقيقي ، وفرد تنزيلي ، بعد حكومة أدلة قاعدة التجاوز (اى الروايات الواردة في باب الشك في اجزاء الصلاة) على أدلتها ، فإذن لا يلزم الجمع بين اللحاظين في إطلاق واحد أصلا.
ذكر ذلك المحقق النائيني في أواخر كلامه في المسئلة وجعله طريقا لحل هذه العقدة ، والاشكال الاتى في الوجه الثالث من لزوم التدافع بين القاعدتين ، وبنى عليه ما بنى.
ولكن فيه من التكلف والتعسف ما لا يخفى ، وسيأتي توضيحه بنحو أو في ان شاء الله تعالى.
«ثالثها»
لزوم التدافع بين القاعدتين في موارد التجاوز عن محل الجزء المشكوك ، فإنه باعتبار لحاظ الجزء بنفسه ، كما هو مورد قاعدة التجاوز يصدق انه تجاوز عن محله ، فلا يعتنى بالشك فيه ، وباعتبار لحاظ الكل يصدق انه لم يتجاوزه ، فيجب الاعتناء به وتدار كه ، وهذا هو التدافع بينهما.
والجواب عنه ان هذا التدافع ساقط جدا لأنه :
أولا ـ لا تدافع بين نفس القاعدتين ، وانما يكون التدافع ـ على فرض وجوده ـ بين أصل قاعدة التجاوز وعكس قاعدة الفراغ ، وهذا انما يلزم لو كان عكسها كنفسها مجعولة.
واما لو كان المجعول أصلها فقط وكان لزوم التدارك عند عدم الفراغ من باب قاعدة الاشتغال ـ كما هو الظاهر ـ فلا تدافع بينهما أصلا. فإن مخالفتهما من قبيل مخالفة ما فيه