عين ولا اثر ، حتى يتكلم في المراد منه ؛ وانما المذكور فيها عنوان «الخروج» و «المضي» و «التجاوز» بمعناها الأعم من الحقيقي والمجازي كما عرفت ، وفي صدق هذه العناوين على التجاوز عن المحل المعتاد إشكال.
لأن القدر المعلوم منها المستكشف من الأمثلة المذكورة في الروايات هو المحل الشرعي ، أو ما يرجع اليه ، ولا إطلاق يعتمد عليه بالنسبة إلى غيره كما لا يخفى.
هذا ولكن المكلف إذا كان من قصده الإتيان بإجزاء الغسل (مثلا) متوالية كان داخلا تحت ملاك التعليل الوارد في الروايات بقوله : «هو حين يتوضأ اذكر منه حين يشك» وقوله في رواية محمد بن مسلم «كان حين انصرف أقرب الى الحق منه بعد ذلك» لما قد عرفت من انه كالصغرى لكبرى محذوفة وهي ان الذاكر لا يأتي بما يخالف مقصده ومرامه.
ومن الواضح ان المحل الشرعي أو العقلي أو العرفي بما هو لا دخل له في هذا المعنى وانما هو مقدمة لقصد الفاعل إليه ، فإن الفاعل إذا كان بصدد الإتيان بعمل وكان عالما بأن اجزائه مترتبة شرعا على نحو خاص فلا محالة يقصده بهذا الترتيب ، وإذا كان قاصدا له بهذا الترتيب ـ والعاقل لا يأتي بما هو مخالف لمرامه ـ كان فعله الخارجي منطبقا على قصده ، الا ان يكون غافلا أثناء العمل وهو خلاف أصالة عدم الغفلة المأخوذة من ظهور حال الفاعل.
والحاصل ان المحل الشرعي أو ما يشبهه لا دخل له في هذا التعليل أصلا ؛ بل هو مبنى على قصد الفاعل ونيته فقط. فلو حصل هذا القصد بعلل اخرى غير الترتب الشرعي ، كالعادة ، كانت العلة جارية فيها.
ومن هنا تعرف ان المحل العادي بما هو لا اثر لها في جريان القاعدة ، الا ان تكون العادة كاشفة عن قصد الفاعل ، فان الفاعل إذا كان معتادا بعادة نوعية أو شخصية بإتيان عمل كالغسل (مثلا) متوالية كشفت هذه العادة عن انه حين الفعل قصده بهذا النحو ، فيجري التعليل في حقه ؛ ولو فرض عدم كشف العادة عنه في مقام ، لم يعتد بها أصلا. فتدبر فإنه حقيق به.