ثانيا ـ ان الروايات الخاصة الواردة في غير واحد من الأبواب ، وان كانت واردة في موارد تزاحم الحقوق ؛ الا انه ليس فيها من التنازع عين ولا اثر ، مثل ما ورد فيمن قال أول مملكوك أملكه فهو حر ، فورث سبعة ، قال : يقرع بينهم ويعتق الذي قرع. (١) فإن إطلاقها يشمل ما إذا لم يطلع العبيد على نذره ولم يقع التشاح بينهم ابدا بل لعلها ظاهرة في خصوص هذا الفرض ، فأراد السائل استكشاف حكمه فيما بينه وبين الله. ومثلها غيرها.
وكذا ما ورد في باب الوصية بعتق بعض المماليك وانه يستخرج بالقرعة (٢)
فإن إطلاقها أيضا يشمل ما إذا لم يقع التنازع بينهم أصلا لو لم نقل بظهورها في ذلك فيكون السؤال لاستكشاف الحكم الشرعي للمسئلة لا حكمه في مقام القضاء.
فهذه الروايات وشبهها وان كانت واردة في أبواب تزاحم الحقوق المحتملة الا ان مجرد وقوع التزاحم في شيء لا يلازم التنازع والتشاح فيه ، حتى يحتاج الى القضاء ، وليس دائما مظنة له ، فهي أيضا دليل على عدم اختصاص القرعة بأبواب القضاء.
لا سيما ومورد هذه الطائفة من الروايات يكون مما لا واقع له مجهول ، بل هناك حق متساوي النسبة إلى الجميع ، ولا يمكن إعطائه إلا واحدا منهم ولكن لما كان إيكال الأمر إلى التخيير مظنة للاجحاف وترجيح بلا مرجح أو ترجيح بالميول والأهواء أو كل الأمر فيها إلى القرعة التي لا يكون فيها شيء من ذلك.
ثالثا ـ إطلاق بعض الاخبار العامة غير الواردة في أبواب التنازع أيضا دليل على
__________________
(١) راجع الصفحة ٣٣٨.
(٢) راجع الصفحة ٣٣٩.