المقام الثاني ـ في انه هل يجب العمل بها بعد إجرائها أو يجوز العدول عنها الى غيرها ، وحاصل القول فيه انه لا إشكال في وجوب العمل بما يستخرج بالقرعة في موارد يجب إجرائها فإن وجوب إجرائها مقدمة لوجوب العمل بها من غير فرق بين ما له واقع ثابت أو غيره وان كان في الأول أظهر نظرا الى ان ما يستخرج منها هو الحق كما ورد في روايات الباب
فإذا أجريت في تعيين ميراث الخنثى مثلا فوقعت على سهم المذكر أو الأنثى ؛ أو أجريت في تعيين من يجب عتقه من بين العبيد الموصى بعتق بعضهم من دون تعيين ، فعلى الحاكم أو الوصي العمل بها ولا يجوز له إهمالها والعدول إلى قرعة أخرى (والمفروض عدم طريق آخر هناك غير القرعة).
نعم يجوز لصاحب الحق غمض النظر عن حقه بعد ما خرج السهم له ، كما ان للمتقارعين التصالح على حقوقهم بعد خروج السهم لأحدهما أو لهما في مثل تقسيم الأموال المشتركة ، والتراضي على أمر خاص.
ولكن هذا يختص بما إذا كان من «الحقوق» مثل ما عرفت من تقسيم الشركاء أموالهم ، أو تقسيم الغنائم وغيرها ، واما إذا كان من سنخ «الاحكام» كما في مسئلة الولد المتنازع فيه وشبهه فلا يجوز ذلك أصلا ، لعدم جواز تغييره بالتراضي والتصالح وشبههما كما هو واضح.
وكذلك مسئلة الشاة الموطوئة فان خروج القرعة على واحدة من الشياة تجعلها بحكم الموطوئة. لو لم تكن موطوئة واقعا (فح) لا معنى لتغييرها وجعل غيرها في محلها بقرعة أخرى أو غيرها.
هذا كله في موارد وجوب القرعة اما إذا قلنا بمشروعيتها في موارد لا يجب فيها إجرائها كما في مسئلة المتعلمين لغير الواجب وشبهها فكما أن إجرائها غير واجب في هذه الموارد ، كذلك العمل بها بعد إجرائها أيضا غير واجب ؛ فله العدول عما خرج بالقرعة إلى غيره إذا لم يكن هناك محذور آخر (فتأمل).
هذا تمام الكلام في قاعدة القرعة.