كانوا مقصرين في أداء ما عليهم من إظهار الحق ، مرتكبين للاكاذيب ، فيرون الأرجح ترك العشرة معهم وعدم إلقاء أنفسهم في أحد المحذورين ، غفلة عن المضار المترتبة على مثل هذا العمل من شق العصا وإسنادهم إلى الخشونة وقلة الأدب والعواطف الإنسانية ، وتركهم لجماعة المسلمين وآدابهم.
فندبهم الأئمة عليهمالسلام بالعشرة معهم بالمعروف وحسن المصاحبة والجوار ، كيلا يعيروا بتركها ولا يكونوا شينا على أئمتهم ، وان اضطروا في ذلك الى التقية أحيانا.
ويشهد لذلك روايات عديدة :
منها ـ ما رواه في الكافي عن هشام الكندي قال سمعت أبا ـ عبد الله عليهالسلام يقول : إياكم ان تعملوا عملا نعير به فان ولد السوء يعير والده بعمله ، كونوا لمن انقطعتم اليه زينا ولا تكونوا عليه شينا ، صلوا في عشائرهم ، وعودوا مرضاهم ، واشهدوا جنائزهم ، ولا يسبقونكم إلى شيء من الخير ، فأنتم أولى به منهم ، والله ما عبد الله بشيء أحب إليه من الخبإ ، قلت : وما الخبإ؟ قال : التقية (١)
وهذه الرواية تنادي بأعلى صوتها بعدم الاعتزال عن القوم ولزوم العشرة معهم بالمعروف والصلاة معهم ، وعيادة مرضاهم ، وشهادة جنائزهم وغير ذلك من أشباهه كيلا يعيروا بتركه الأئمة عليهمالسلام ولا يجدوا طريقا للإزراء بهم وباتباعهم ، ويجوز حينئذ التقية معهم وهذا نوع من التقية التحبيبى.
ومنها وما رواه في الكافي أيضا عن مدرك بن الهزهاز عن أبي عبد الله عليهالسلام
__________________
(١) الحديث ٢ من الباب ٢٦ من أبواب الأمر بالمعروف من الوسائل.