دفعا لهم عن ميراثهم.
وقوله تعالى (وَلا تُضآرُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَ)(١) نهى عن الإضرار بالمطلقات والتضييق عليهن في النفقة والسكنى طلبا للإضرار بهن. وقد مضى في الحديث التاسع من الأحاديث السابقة المروية عن هارون بن حمزة الغنوي عن ابى عبد الله عليهالسلام من ان البعير المريض إذا برء وطلب الشريك الرأس والجلد فهو الضرار ، ولا يخفى انه إذا ازدادت القيمة بالبرء ومع ذلك طلب الرأس والجلد فليس الا لقصد الإضرار بصاحبه بل الظاهر ان قوله في رواية سمرة : انك رجل مضار ناظر الى هذا المعنى فإن القرائن تشهد على انه لم يقصد بعمله إلا الإضرار بالأنصاري فهذا المعنى أقرب معانيه.
واما احتمال كونه فعل الاثنين فالظاهر انه بملاحظة كونه من باب المفاعلة ، ولكنه قياس في غير محله لعدم استعماله في شيء من الموارد التي أشرنا إليها آنفا في هذا المعنى.
واما كونه بمعنى المجازاة على الضرر ، فلعله مأخوذ من سابقة وهو أيضا ضعيف لما عرفت.
واما كونه بمعنى الإضرار بالغير بما لا ينتفع ، فالظاهر انه من لوازم المعنى المختار في كثير من الموارد فهو من قبيل ذكر الملزوم وارادة اللازم.
واما كونهما بمعنى واحد فهو في الجملة صحيح على ما ذكرنا لان الضرر أعم من العمدي وغيره فيتصادقان في العمدي ويفترقان في غيره.
واما كونه بمعنى «الضيق» كما ذكره في القاموس بناء على ان المراد منه الإيقاع في الحرج والكلفة في مقابل الضرر الذي هو إيراد نقص في الأموال والأنفس (كما قد يفسر بذلك) فهو أيضا مما لا يمكن المساعدة عليه ، فإنه لا يلائم موارد استعماله ، فان قوله تعالى (أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ) ناظر إلى الإضرار بالورثة ضررا ماليا بان يوصي بوصية أو يقر بدين ليس عليه ، منعا لهم عن حقهم كما عرفت في أوائل الكتاب ، ولو قيل ان هذا عين الإلقاء في الضيق والكلفة قلنا بان جميع موارد إيراد النقص في الأموال والأنفس
__________________
(١) الطلاق ـ ٦.