في كلام طويل له في المقام حاصله :
«ان النفي في المقام وأشباهه من حديث الرفع ولا صلاة الا بطهور وغيرهما محمول على معناه الحقيقي بالنظر الى عالم التشريع ، فإن الأحكام التكليفية وكذا الوضعية أمرها بيد الشارع ان شاء رفعها وان شاء وضعها ، فالنفي إذا تعلق بحكم شرعي يكون نفيا حقيقيا لارتفاعه واقعا في عالم التشريع ، هذا بالنسبة إلى النفي ، واما إطلاق «الضرر» على الأحكام المستلزمة له فهو أيضا حقيقي ، لأن إطلاق المسببات التوليدية كالإحراق على إيجاد أسبابها شائع ذائع ، فمن ألقى شيئا في النار يقال انه أحرقه ، قولا حقيقيا.
وحينئذ نقول : كما ان الشارع إذا حكم بحكم شرعي وضعي أو تكليفي يوجب الضرر على المكلفين يصدق انه أضر بهم وليس هذا إطلاقا مجازيا ، فكذا إذا نفاه يصدق عليه انه نفى الضرر عنه ، نعم لو كانت الأحكام الشرعية من قبيل المعدات للضرر لا من قبيل الأسباب ، أو كان من قبيل الأسباب غير التوليدية كان اسناد الضرر الى من أوجدها إسنادا مجازيا ، ولكن الأحكام الشرعية ليست ، كذلك بل حكم الشارع بالنسبة إلى محيط التشريع كالسبب التوليدي لا غير ، اما في الأحكام الوضعية فواضح ، فان حكم الشارع بلزوم البيع الغبني مثلا يوجب إلقاء المغبون في الضرر وكذا في أشباهه واما في الأحكام التكليفية فإسناد الإضرار فيها الى الشارع انما هو بملاحظة داعي المكلف وإرادته المنبعثة عن حكم الشرع ؛ ففي الحقيقة الحكم التكليفي سبب لانبعاث اراده المكلف وهي سبب للفعل ، فهو أيضا من سنخ الأسباب التوليدية» هذه خلاصة ما افاده وقد لخصناه لطوله.
ويرد عليه أمور :
أولها ـ ان النفي بلحاظ عالم التشريع دون الخارج بنفسه نوع من المجاز ، لأن ألفاظ النفي والإثبات موضوعة للوجود والعدم الخارجيين ، اما الوجود والعدم في وعاء الاعتبار والتشريع فليسا وجودا وعدما حقيقيا ، بل هما نوع من الوجود والعدم الادعائيين ، فالحكم بالعدم على ما انعدم في ذاك العالم وبالوجود على ما وجد فيه ؛ وكذا حمل