بعض الإشكالات الواردة على بعض القواعد فاستراحوا الى عمل الأصحاب ، مع ان التدبر في كلماتهم يرشدنا الى ان أصحابنا الأقدمين لم يزيدوا علينا في كثير من هذه المباحث شيئا إلا صرافة الذهن وجودة النظر العرفي الموجبة لكشف مغزى كلماتهم عليهمالسلام لهم.
وكأن هذا المعنى قد ألجأ شيخنا العلامة الأنصاري في بعض كلماته الى حل هذا الإشكال ، تارة بمنع أكثرية الخارج منها وان سلم كثرته ، واخرى بخروج ما خرج بعنوان واحد بناء على ما اختاره في أبواب العموم والخصوص من عدم استهجان كثرة التخصيص إذا كان بعنوان واحد.
وأورد عليه «المحقق الخراساني» في بعض حواشيه على الفرائد بأن خروج أفراد كثيرة بعنوان واحد انما يمنع من استهجان التخصيص إذا كانت افراد العام هي العناوين لا الأشخاص.
أقول ـ الظاهر ان تسالمهم قدس الله أرواحهم على كثرة ما خرج من عموم قاعدة لا ضرر انما نشأ مما يتراءى في بادي النظر من وجود احكام ضررية كثيرة في الشريعة كوجوب الأخماس والزكوات وأداء الديات وتحمل الخسارات عند الإتلاف والضمانات وغير ذلك مما تتضمن ضررا ماليا ، وكوجوب الجهاد والحج وغير هما مما يحتاج الى بذل الأموال والأنفس ؛ وكوجوب تحمل الحدود الشرعية والقصاص وأشباهها مما تتضمن ضررا نفسيا أو عرضيا فان هذه الأحكام ثابتة في الشريعة ظاهرة عند أهلها ، خواصهم وعوامهم.
وفيه أولا ـ ان هذا الاشكال على فرض صحته (ولكنه غير صحيح كما يأتي) انما يلزم القائلين بكون مفاد القاعدة نفى الأحكام الضررية في الشريعة ، واما على المختار من ان مفادها نفى إضرار الناس بعضهم ببعض وان الشارع لم يمض الإضرار في عالمى الوضع والتكليف فلا مجال له قطعا. نعم قد عرفت ان هذه القاعدة تدل بالملازمة والأولوية على انه لا ضرر من ناحية أحكام الشرع على احد ؛ ومن المعلوم ان هذه الملازمة لا تنفى شيئا من الاحكام التي يتراءى منها الضرر ، بل أقصى ما يستفاد منها هو ان هذه الاحكام ،