يرفع الوجوب فإنه ضرري واما أصل الجواز والمشروعية فلا ، لان الامتنان لا يقتضي أزيد مما ذكر ، وببيان آخر أدلة وجوب هذه الأمور دالة بالالتزام على وجود ملاكاتها حتى في موارد الضرر ، وأدلة نفى الضرر انما تعارضها في دلالتها المطابقية على الوجوب ، ولا تعارضها في دلالتها الالتزامية على وجود ملاكاتها الموجب لمشروعيتها في هذه الموارد واستحسن هذا البيان «بعض أعاظم العصر» في مستمسكه.
وأورد المحقق النائيني على البيان الأول بأمرين : أحدهما ان هذه الأحكام أمور بسيطة لا تركيب فيها حتى يرتفع بعض اجزائها ويبقى الأخر. ثانيهما انه يستلزم كون ما في طول الشيء في عرضه ، فان التيمم متأخر عن الوضوء وإذا كان المكلف في موارد الضرر مرخصا شرعا في الطهارة المائية مع جواز الاكتفاء بالطهارة الترابية يلزم اتحادهما في الرتبة ، وهو باطل ؛ لان المكلف إذا كان قادرا على الطهارة المائية لم يدخل تحت قوله تعالى (فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً).
أقول : يمكن الجواب عنهما اما عن الأول فبان طريقة غير منحصر في تجزية الحكم البسيط بل يمكن ان يكون من باب تقييد إطلاقات نفى الضرر بعدم اقدام المكلف على التكليف الضرري بأن يقال ان وجوب الوضوء الضرري منفي عند عدم الاقدام لا غير ، ولازم ذلك مشروعيته وان لم يكن واجبا ، والدليل عليه انصراف الإطلاقات إليه فتأمل فإن دعوى الانصراف فيها عن هذه الصورة مشكلة جدا
وعن الثاني بعدم قيام دليل على كون الطهارة الترابية في طول الطهارة المائية دائما حتى في أمثال المقام ولو سلمنا شمول الآية الشريفة لها فهو إطلاق كسائر إطلاقات أدلة الأحكام محكومة لقاعدة «لا ضرر» أو مخصصة بها ، فتأمل ، والاولى في دفع هذا الاشكال منع شمول الآية ودلالتها على المقام ولا أقل من إجمالها من هذه الجهة فتدبر.
والتحقيق ان هذه المسألة مبنية على مسألة حرمة الإضرار بالنفس على الإطلاق فإن قلنا بالحرمة فهذا الوضوء حرام لا يمكن التقرب به بلا إشكال لأن حركات الوضوء متحدة مع عنوان الإضرار بالنفس ، وعلى فرض كون الوضوء سببا له لا متحدا معه