ولا يخفى ان اتصاف العلم بالاجمال والتفصيل ليس اولا وبالذات بل اتصافه بهما بالنظر الى المعلوم ومتعلقه وبالواسطة والعرض لان العلم عبارة عن الصورة الحاصلة من الشىء عند العقل او حصول تلك الصورة والحال ان كلا منهما غير قابلة للاجمال والتفصيل ثم الفرق بينهما بان التفصيلى ما كان قابلا لان يشار اليه بالاشارة الحسية على التعيين بخلاف الاول فانه يشار اليه على سبيل الترديد كما ان انقسامه الى التصور والتصديق كذلك.
ثم ان المراد من اثبات التكليف بالعلم ليس جعله واسطة فى الاثبات علي ما يتوهم فى بادئ الرأى حتى ينافى ما ذكره قدسسره من ان العلم لا يكون وسطا فى العلم الطريقى بل المراد من اثبات التكليف به ترتيب الآثار علي المعلوم عند العلم والالتزام به ولزوم اطاعته عقلا او شرعا كما انه المراد من التنجز علي المكلف عند العلم وفعلية الخطابات والاحكام النفس الامرية المتعلقة للعلم والظن.
والحاصل ان توضيح المقام على وجه يتضح به المرام ان العلم الاجمالى تارة يقع فى اعتبار من حيث اثبات التكليف به بمعنى انه هل يوجب اشتغال ذمته كالعلم التفصيلى مع قطع النظر عن كيفية امتثاله ام هو كالمجهول رأسا واخرى يقع فى كيفية امتثاله بعد ثبوت التكليف مع امكان امتثاله تفصيلا ام لا يكتفى به الا مع تعذر العلم التفصيلى والمقام الاول له مرتبتان الاولى حرمة المخالفة القطعية بان يكتفى فى امتثاله بالموافقة الاحتمالية التى هى ادنى مرتبتى الامتثال الثانية وجوب الموافقة القطعية التى هى مقتضى ثبوت تعلق غرض الشارع بنفس الواقع واحال الشيخ قدسسره البحث عن المرتبة الثانية الى مسئلة البراءة والاشتغال عند الشك فى المكلف به ونعم ما احال اذا المناسب البحث عنها فى البراءة والاشتغال وان المقصود هنا هو التكلم فى المرتبة الاولى من المقام الاول دفعا لتوهم ان عنوان البحث عن العلم الاجمالى هناك يغني عن عنوان البحث عنه هنا ومقصوده ان الغرض الاصلى هناك وهنا هو ما ذكر وإن كان قدسسره قد عنون البحث فى المرتبة الاولى ثمة ايضا إلّا ان ذلك منه هناك استطرادى وليس مقصودا بالاصالة وكيف كان قدم الكلام فى المقام الثانى لاختصاره وقلة ما يتعلق به.