(م) فعلم من ذلك ان ما ذكره من وجوب كون فعل الجمعة مشتملا على مصلحة يتدارك بها مفسدة ترك الواجب ومعه يسقط عن الوجوب ممنوع لان فعل الجمعة قد لا يستلزم إلّا ترك الظهر فى بعض اجزاء وقته فالعمل على الامارة معناه الاذن فى الدخول فيها على قصد الوجوب والدخول فى التطوع بعد فعلها نعم يجب فى الحكم بجواز فعل النافلة اشتماله على مصلحة يتدارك بها مفسدة فعل التطوع فى وقت الفريضة لو اشتمل دليله الفريضة الواقعية المأذون فى تركها ظاهرا وإلّا كان جواز التطوع فى تلك الحال حكما واقعيا لا ظاهريا واما قولك انه مع تدارك المفسدة بمصلحة الحكم الظاهرى يسقط الوجوب فممنوع ايضا اذ قد يترتب على وجوبه واقعا حكم شرعي وان تدارك مفسدة تركه بمصلحة فعل آخر كوجوب قضائه اذا علم بعد خروج الوقت بوجوبه واقعا وبالجملة فحال الامر بالعمل بالامارة القائمة علي حكم شرعى حال الامر بالعمل على الامارة القائمة على الموضوع الخارجى كحياة زيد وموت عمرو فكما ان الامر بالعمل بالامارة فى الموضوعات لا يوجب جعل نفس الموضوع وانما يوجب جعل احكامه فيترتب عليه الحكم ما دامت الامارة قائمة عليه فاذا فقدت الامارة وحصل العلم بعدم ذلك الموضوع ترتب عليه فى المستقبل جميع احكام عدم ذلك الموضوع من اول الامر فكذلك الامر بالعمل على الامارة القائمة على الحكم.
(ش) اقول قد عرفت فيما سبق اتفاق الفريقين على التخطئة فى الموضوعات وان الامارة القائمة عليها لا توجب جعلها من جهة استحالة تعلق الجعل بها وان مرجع حجية الامارة القائمة عليها هو ترتيب احكامها على مؤداها ظاهرا ما دامت قائمة ببقاء جهل من قامت عنده الامارة على الموضوع وان مآل الامر بالعمل بالامارة القائمة على الاحكام الشرعية ايضا على مذهب المخطئة الى وجوب الالتزام بها وبآثارها فى الظاهر بحيث لا يوجب قيام الامارة تأثيرا فى الاحكام الواقعية اصلا فلا اشكال اذا فيما افاده قدسسره وان كان هنا فرق واضح بين مورد الامارة فى المقامين فان الموضوع الخارجي ليس مجعولا ويستحيل تعلق الجعل بها بخلاف الحكم الشرعى فانه يستحيل وجوده بدون الجعل واقعيا كان او ظاهريا إلّا ان جعل الحكم الواقعي الذى يحكى عنه الامارة سابق على جعل الحكم الظاهرى ويستحيل جعله بنفس الامر بالعمل بالامارة القائمة عليه على ما عرفت فيما سبق هذا