(م) ومنها ان الامر فى المقام دائر بين الوجوب والتحريم ومقتضاه التخيير او ترجيح جانب التحريم بناء على ان دفع المفسدة أولى من جلب المنفعة وفيه منع الدوران لان عدم العلم بالوجوب كاف فى ثبوت التحريم لما عرفته من اطباق الادلة الاربعة على عدم جواز التعبد بما لا يعلم وجوب التعبد به من الشارع ألا ترى انه اذا دار الامر بين رجحان عبادة وحرمتها كفى عدم ثبوت الرجحان فى ثبوت حرمتها.
(ش) حاصله ان العمل بالظن يدور امره بين الوجوب والحرمة لكون العمل به على تقدير الحجية واقعا واجبا وعلى تقدير عدم الحجية غير جائز وفى مثله لا بد اما من التخيير او ترجيح جانب الحرمة بناء علي اولوية دفع المفسدة واورد عليه الشيخ (قده) بمنع الدوران نظرا الى كفاية مجرد عدم العلم بالحجية فى ثبوت التحريم الثابت بالادلة الاربعة وهو كما افاده (قده) ولكن مقتضى ظاهر كلامه هذا تسليم انه لو كانت الحرمة من آثار عدم الحجية واقعا كان المقام من باب الدوران بين الوجوب والحرمة وهذا مما لا يلتزم به حيث إن لازم الدوران المزبور هو التخيير عقلا وجواز العمل بالظن لا الى بدل وهو ينافى ما بني عليه (قده) من دوران الامر حينئذ بين التعبد بالظن وبين التعبد بغيره من الاصول والدليل الموجود فى البين اذ حينئذ يدور الامر فى الحقيقة بين الوجوبين اما وجوب الاخذ بالظن والعمل به واما وجوب الاخذ بغيره من الاصول الجارية فى المسألة.
ونتيجة ذلك هو التخيير او تعيين الثانى برجوع الشك فى اعتبار الظن الى الشك فى تخصيص ادلة اعتبار تلك الاصول لان الحكومة نحو من التخصيص فباصالة عدم التخصيص يتعين العمل بالاصول