جميعها ، عنادا للحقّ وأهله. وإن كان ذكر هذا الإختلاف عبثا ، فهذا يخالف شأنه ، لا سيّما في هذا الكتاب الموضوع على الاختصار والإيجاز ، كما يدّعي أولياؤه.
لكنّ الحقيقة ، إنّه قد أخذ هذا المطلب من الكابلي ، كغيره ممّا جاء به ، فقد عرفت قول الكابلي : « ولأنّه اختلفت الرّوايات في الطير المشوي ، ففي رواية هو النحام ، وفي رواية إنّه الحبارى ، وفي أخرى إنّه الحجل ».
غير أنّ الكابلي ذكر هذا الاختلاف في وجوه الإبطال بزعمه ، وكأن ( الدهلوي ) استحيا من أن يورده في ذاك المقام ، وإن لم يمكنه كف نفسه فيعرض عنه رأسا.
مجرّد اختلاف الأخبار لا يجوّز تكذيب أصل الخبر
وعلى كلّ حال ، فإنّ الاستناد إلى إختلاف الروايات في « الطير المشوّي » ، لأجل القدح والطعن في أصل الحديث ، جهل بطريقة علماء الحديث أو تجاهل عنها ، فإنّهم في مثل هذا المورد لا يكذّبون الحديث من أصله ، ولا ينفون الواقعة التي أخبرت عنها تلك الأخبار ، بل إنّهم يجمعون بينها بطرق شتى ، منها الحمل على تعدّد الواقعة ... هذا الطريق الّذي على أساسه الجمع بين الروايات المختلفة في واقعة حديث الطير ...
ولا بأس بذكر بعض موارد الجمع على هذا الطريق في كتب الحديث :
قال الحافظ ابن حجر ـ بعد ذكر الأحاديث المختلفة في رمي النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وجوه الكفّار يوم حنين ، حيث جاء في بعضها : أنّه رماهم بالحصى ، وفي آخر : بالتراب ، وفي ثالث : أنّه نزل عن بغلته وتناول بنفسه ، وفي رابع : أنّه طلب الحصى أو التراب من غيره. واختلفت في المناول ، ففي بعضها : إنّه ابن مسعود ، وفي آخر : إنّه أمير المؤمنين علي عليه