أهل العلم بالحديث ... وبهذا يعرف حال والد ( الدهلوي ) الذي حاول إثبات فضائل معاوية في ( إزالة الخفاء ) ، وحال ابن حجر المكّي المؤلّف كتابا خاصا في ذلك.
إلى هنا انتهى الكلام حول ما ذكره ابن تيمية في الوجه الأول.
قال :
« الثاني : إنّ حديث الطير من المكذوبات الموضوعات عند أهل المعرفة بحقائق النقل. قال الحافظ أبو موسى المديني : قد جمع غير واحد من الحفّاظ طرق أحاديث الطير للاعتبار والمعرفة : كالحاكم النيسابوري ، وأبي نعيم وابن مردويه. وسئل الحاكم عن حديث الطير فقال : لا يصحّ.
هذا مع أنّ الحاكم منسوب إلى التشيّع ، وقد طلب منه أن يروي حديثا في فضل معاوية فقال : ما يجئ من قلبي ما يجئ من قلبي ، وقد خوصم على ذلك فلم يفعل ، وهو يروي في المستخرج والأربعين أحاديث ضعيفة بل موضوعة عند أئمة الحديث ، كقوله : تقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين.
لكنّ تشيّعه وتشيّع أمثاله من أهل العلم بالحديث : كالنسائي ، وابن عبد البرّ ، وأمثالهما ، لا يبلغ إلى تفضيله على أبي بكر وعمر ، فلا يعرف في علماء الحديث من يفضلّه عليهما ، بل غاية التشيع منهم أن يفضلّه على عثمان ، أو يحصل منه كلام أو إعراض عن ذكر محاسن من قاتله ، ونحو ذلك. لأنّ علماء الحديث قد عصمهم وقيّدهم ما يعرفون من الأحاديث الصحيحة الدّالة على فضيلة الشيخين ، ومن ترفّض ممّن له نوع اشتغال بالحديث : كابن عقدة وأمثاله ، فهذا غايته أن يجمع ما يروى في فضائله من الكذوبات والموضوعات لا يقدر أن يدفع ما تواتر من فضائل الشيخين ، فإنّها باتّفاق أهل العلم بالحديث أكثر ممّا صحّ من فضائل علي وأصّح وأصرح في الدلالة.
وأحمد بن حنبل لم يقل إنّه صحّ لعلي من الفضائل ما لم يصحّ لغيره ، بل أحمد أجلّ من أن يقول مثل هذا الكذب ، بل نقل عنه أنّه قال : روي له ما