أعلم أنّ أحبّ الناس إليك أحبّهم إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم؟ قال : إي وربّ الكعبة ، أحبّهم إليّ أحبّهم إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ، هو ذاك الشيخ. وأشار إلى علي. خرّجه الملاّ في سيرته.
وقد تقدّم لأبي بكر مثل هذه في المتّفق عليه.
فيحمل هذا على أنّ عليا أحبّ الناس إليه من أهل بيته ، وعائشة أحبّ إليه مطلقا ، جمعا بين الحديثين. ويؤيّده ما رواه الدولابي في الذريّة الطاهرة : أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال لفاطمة : أنكحتك أحبّ أهل بيتي إليّ.
خرّجه عبد الرزاق ، ولفظه : أنكحتك أحبّ أهلي إليّ » (١).
وقلّده الوصّابي صاحب ( الاكتفاء ) فيما قال.
أقول :
إنّ حمل أحبيّة أمير المؤمنين عليهالسلام على الأحبيّة النّسبية ـ بأيّ معنى كانت ـ حمل باطل ، تدفعه الأحاديث التي ذكرناها والآثار التي أوردناها ، خصوصا ما كان منها عن عائشة ... فإنّ هذه الأحاديث والآثار لا تقبل التأويل بشكل من الأشكال ...
على أنّ تخصيص أحبيّة الإمام عليهالسلام بأنّها بالنسبة إلى أهل البيت عليهمالسلام ـ على تقدير تسليمه ـ لا يضرّ بما نقوله ، لأنّ مقتضى الأحاديث المعتبرة الكثيرة ـ كحديث الثقلين ، وحديث السّفينة ، وأمثالهما ... ممّا رواه القوم ومنهم المحبّ الطبري نفسه ـ وكذا الأحاديث الواردة في أفضليّة بني هاشم من سائر قريش ، وهي أيضا أحاديث كثيرة معتبرة جدا (٢) ... هو أفضليّة أهل البيت عليهمالسلام من جميع الناس على العموم. فمن كان الأفضل في أهل البيت ـ الذين هم أفضل الناس ـ كان أفضل الناس ، بالأولوية القطعيّة
__________________
(١) الرياض النضرة في مناقب العشرة ٣ / ١١٥ ـ ١١٦.
(٢) انظر : الجزء ٥ ص ٣١٦ ـ ٣٢١ من كتابنا.