شدّة تعصّبه ، فأتى بما يزيد الشّبهة قوة ، وأوقع نفسه في ورطة ...
إن من الواضح جدّا : أنّ مثل هذا الحديث لا ينفي اتّصاف عائشة بالعداء لأمير المؤمنين عليهالسلام وبغضها له ... لكنّ الفضل ما شهدت به الأعداء ... وهل ينكر الشيخ عدائها للإمام عليهالسلام حتى آخر لحظة من حياته ، حيث أنشدت ـ لمّا بلغها نبأ استشهاده ـ :
فألقت عصاها
واستقر بها النوى |
|
كما قرّ عينا
بالإياب المسافر؟! |
وأمّا قوله : « ولقد استحيت أن تذكر نفسها وأباها »
فنقول في جوابه : أي نسبة بين تلك المتبرّجة المتجمّلة الخارجة على إمام زمانها ... وبين الحياء ...!!
ثمّ ما يقول الشيخ بالنسبة إلى اعترافها بأحبيّة أمير المؤمنين عليهالسلام مطلقا من غير سؤال منها عن ذلك ... كقولها : « ما خلق الله خلقا أحبّ إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من علي بن أبي طالب »؟ ... ففي هذا الحديث الذي رواه الحافظ الكنجي بسنده عنها لم يكن أحد سألها عن أحبّ الناس إليه ، وقد جاءت فيه بعبارة واضحة الدّلالة على العموم ، تشمل نفسها وأباها وسائر الناس أجمعين ...
وأيضا : ففي الأحاديث المتقدّمة أنّ « جميعا » و « عروة » و « معاذة » لمّا عيّروها بالخروج إلى البصرة لم تسكت ، بل اعتذرت بأنّه كان قضاء وقدرا من الله ، وأنّها استشهدت في جواب معاذة بحديث عن أبيها أبي بكر في فضل أمير المؤمنين عليهالسلام ... ومن الواضح جدّا أنّه متى آل الأمر إلى التعنيف والتعيير ـ لا مرة بل مرّات ـ تحتّم الجواب بما يقطع اللّوم والعتاب ... فلو كان لحديث أحبيّتها وأحبيّة والدها أصل ، فأيّ موضع يكون اولى من هذا الموقع للاعتذار به ... يا أولي الألباب!!
وأيضا : لو كان لها نصيب من الحياء لما قالت لعروة : « لم تزوّج أبوك أمّك »؟ ألم يكن بإمكانها التمثيل بشيء آخر للقضاء والقدر في جواب ذاك