الصادق محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، حتى كأنكم من الأمم السالفة التي هلكت بالخسف والقذف والريح والصيحة والصواعق والرجم ( أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها ).
والذي هو أقرب إلى أمير المؤمنين من حبل الوريد ، لولا أن يقول قائل : إنّ أمير المؤمنين ترك الجواب من سوء أحلامكم وقلة أخطاركم وركاكة عقولكم ومن سخافة ما تأوون من آرائكم. فليستمع مستمع وليبلّغ الشاهد غائبا. أما بعد :
فإنّ الله تعالى بعث محمّدا صلىاللهعليهوآلهوسلم على فترة من الرسل ، وقريش في أنفسها وأموالها لا يرون أحدا يساويهم ولا يناويهم ، فكان نبيّنا محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم أمينا من أوسطهم بيتا وأقلّهم مالا.
وكان أول من آمن به خديجة بنت خويلد ، فواسته بمالها. ثمّ آمن به علي ابن أبي طالب ـ رضياللهعنه ـ وله سبع سنين ، لم يشرك بالله شيئا ، ولم يعبد وثنا ، ولم يأكل ربا ، ولم يشاكل أهل الجاهلية في جهالاتهم. وكانت عمومة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إما مسلم مهين أو كافر معاند ، إلاّ حمزة ، فإنّه لم يمتنع من الإسلام ولا امتنع الإسلام منه. فمضى لسبيله على بيّنة من ربّه.
أمّا أبو طالب فإنّه كفله وربّاه مدافعا عنه ومانعا منه ، فلمّا قبض الله أبا طالب همّ به القوم وأجمعوا عليه ليقتلوه ، فهاجر إلى القوم ( الَّذِينَ تَبَوَّؤُا الدَّارَ وَالْإِيمانَ مِنْ قَبْلِهِمْ ، يُحِبُّونَ مَنْ هاجَرَ إِلَيْهِمْ ، وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ ).
فلم يقم مع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أحد من المهاجرين كقيام علي بن أبي طالب ، فإنّه آزره ووقاه بنفسه ونام في مضجعه. ثمّ لم يزل بعد ذلك مستمسكا بأطراف الثغور وينازل الأبطال ، ولا ينكل عن قرن ، ولا يولي عن جيش. منيع القلب ، يأمّر على جميع ولا يأمّر عليه أحد.
أشدّ الناس ووطأة على المشركين ، وأعظمهم جهادا في الله ، وأفقههم في