مالَهُ يَتَزَكَّى ) (١) في أبي بكر. ويدّعون أنّ وصف أبي بكر فيها بـ « الأتقى » تصريح بأنّه أتقى من سائر الامة ... قال ابن حجر المكّي في الآيات الدالّة بزعمه على فضل أبي بكر : « أمّا الآيات ، فالأولى قوله تعالى : ( وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى الَّذِي يُؤْتِي مالَهُ يَتَزَكَّى وَما لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزى إِلاَّ ابْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلى وَلَسَوْفَ يَرْضى ) قال ابن الجوزي : أجمعوا على أنّها نزلت في أبي بكر. ففيها التصريح بأنّه أتقى من سائر الامة ، والأتقى هو الأكرم عند الله لقوله تعالى : ( إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ ) والأكرم عند الله هو الأفضل ، فينتج أنّه أفضل من بقيّة الامة » (٢).
فنقول :
إذا كان لفظ « الأتقى » في هذه الآية تصريحا بأنّ من نزلت فيه « أتقى من سائر الامّة » فلا ريب في كون لفظ « أحبّ » في حديث الطير تصريحا بأنّ أمير المؤمنين عليهالسلام « أحبّ الخلق إلى الله ورسوله من سائر الامة » ...
فتأويل الحديث بتقدير « من » فاسد ... وكيف يكون لفظ « الأتقى » نصّا صريحا في كون أبي بكر « أتقى الامة » عندهم ، ولا يكون لفظ « أحبّ الخلق » نصّا صريحا في كون أمير المؤمنين عليهالسلام « أحبّ الخلق » من الشيخين وغيرهم إلى الله ورسوله؟! مع أنّ حديث الطّير معتضد بأحاديث أخرى رووها عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم صريحة الدلالة على أحبيّة أمير المؤمنين عليهالسلام.
أليس لفظ « الأتقى » ولفظ « الأحبّ » كلاهما من صيغة أفعل التفضيل؟
فهل من فارق إلاّ التعصّب والعناد؟!
نعم بينهما فرق من جهة أن لفظ « أحبّ » في الحديث مضاف إلى
__________________
(١) سورة الليل : ١٧ ـ ١٨.
(٢) الصواعق المحرقة : ٩٨.