الإجماع المزعوم غير معلوم.
الوجه الثاني :
لقد نصّ أكابر المحققين على أنّ المتكلّم خارج عن عموم كلامه ، وبناء على هذه القاعدة فإنّ النبيّ ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ غير داخل من أوّل الأمر في عموم « أحبّ الخلق » في حديث الطير ، وعلى هذا أيضا تبطل دعوى عدم عمومه ، ولنذكر عبارة واحدة فيها التصريح بالقاعدة المذكورة :
قال شيخ الإسلام عبد الله بن حسن الدين ابن جمال الدين الأنصاري المعروف بمخدوم الملك في كتاب ( عصمة الأنبياء ) : « اتفق المليّون واجتمعت على أنّهم معصومون قبل البعثة وبعدها من الكفر الحقيقي الاختياري ، غير أنّ الأزارقة والفضليّة من الخوارج يجوّزون صدور ذلك منهم ، لا بمعنى فساد العقيدة في التوحيد والجهل في معرفة الذات والصّفات ، بل باعتبار أنّ كل ذنب كفر عندهم ، وصدور الذنب عنهم جائز ، فوقوع الكفر عنهم يكون كذلك. وعن الاضطراري ـ أي إظهاره تقية ـ خلافا للشيعة ، فإنّهم يجوّزون إظهار الكفر تقية ، بل أوجبه بعضهم. ومعصومون عن الكفر الحكمي أيضا ، بمعنى أنّه لا يحكم عليهم في صباهم بالكفر تبعا للأبوين ولا تبعا للدار ، فإنّهم مولودون على الفطرة والمعرفة بالله وصفاته وتوحيده ، وهم نشئوا على المعرفة من بدو خلقتهم وأوّل فطرتهم ، ومن طالع سيرتهم مذ صباهم إلى مبعثهم يعلم ذلك يقينا ، ثم لم يقدر آباؤهم أن يغووهم عن الفطرة ، لكونهم عرفاء بالله تعالى ، عقلاء لدينه ، مختارين لتوحيده بتأييده. وإسلام الصبي الذي يعقل دينا صحيح ، وعقلهم في هذه الحالة من فضله ورحمته عليهم ، والله يختصّ برحمته من يشاء ، فلا يكونون أتباعا للآباء.
وقوله صلّى الله عليه وسلّم : « ما من مولود إلاّ يولد على فطرة الإسلام وأبواه يهوّدانه أو ينصّرانه أو يمجّسانه » فليس على عمومه على ما لا يخفى ، مع