فقد جاء في « شرح الفقه الأكبر » : « مذهب عثمان وعبد الرحمن بن عوف : أنّ المجتهد يجوز له أن يقلّد غيره إذا كان أعلم منه بطريق الدين ، وأن يترك اجتهاد نفسه ويتّبع اجتهاد غيره. وهو المروي عن أبي حنيفة ، لا سيّما وقد ورد في الصحيحين : اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر. فأخذ عثمان وعبد الرحمن بعموم هذا الحديث وظاهره ».
ولعلّه يريد غير صحيحي البخاري ومسلم!! وإلاّ فقد نصّ الحاكم ـ كما عرفت ـ على أنّهما لم يخرجاه!!
وهكذا فإنّك تجد حديث الاقتداء ... يذكر أو يستدلّ به في كتب الأصول المعتمدة ... فقد جاء في المختصر :
« مسألة : الإجماع لا ينعقد بأهل البيت وحدهم خلافا للشيعة. ولا بالأئمة الأربعة عند الأكثرين خلافا لأحمد. ولا بأبي بكر وعمر ـ رضي الله عنهما ـ عند الأكثرين. قالوا : عليكم بسنّتي وسنّة الخلفاء الراشدين من بعدي. اقتدوا باللذين من بعدي. قلنا : يدلّ على أهلية اتّباع المقلّد ، ومعارض بمثل : أصحابي كالنجوم بأيّهم اقتديتم اهتديتم. وخذوا شطر دينكم عن هذه الحميراء ».
قال شارحه العضد : « أقول : لا ينعقد الإجماع بأهل البيت وحدهم مع مخالفة غيرهم لهم ، أو عدم الموافقة والمخالفة ، خلافا للشيعة. ولا بالأئمّة الأربعة عند الأكثرين خلافا لأحمد. ولا بأبي بكر وعمر عند الأكثرين خلافا لبعضهم.
لنا : أنّ الأدلّة لا تتناولهم. وقد تكرّر فلم يكرّر. أمّا الشيعة فبنوا على أصلهم في العصمة ، وقد قرّر في الكلام فلم يتعرّض له. وأمّا الآخرون فقالوا : قال عليه الصلاة والسلام : عليكم بسنّتي وسنّة الخلفاء الراشدين من بعدي. وقال : اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر.
الجواب : أنّهما إنّما يدلاّن على أهلية الأربعة أو الاثنين لتقليد المقلّد لهم ، لا على حجّيّة قولهم على المجتهد. ثم إنّه معارض بقوله : أصحابي كالنجوم ... » (١).
__________________
(١) شرح المختصر في الأصول ٢ / ٣٦.