الذي ذكره معناه مضي حكم الأجنبي وصيرورته كالأهل مع عدمهم ، وإلا فالتوكيل لا ريب في جوازه مع وجود الأهل فضلا عن حال عدمهم ( وبالجملة ) لا يخفى ما في كلامه من الغبار ، خصوصا مع ملاحظة كلام الأصحاب والتأمل في الآية الشريفة (١) ونصوص (٢) الباب ، والله المسدد للصواب.
وكيف كان ف هل بعثهما على سبيل التحكيم أو التوكيل قولان إلا أن الأظهر منهما والأشهر بل المشهور بل عن ظاهر السرائر وفقه القرآن الإجماع عليه ، وفي محكي المبسوط أنه مقتضى المذهب أنه تحكيم لأنه مقتضى تسميتهما حكمين في الكتاب (٣) والسنة (٤) والفتاوى ومقتضى خطاب غير الزوجين ببعثهما ، والوكيل مأذون ليس بحكم ، والمخاطب به الزوجان لا غيرهما ، ولأنهما إن رأيا الإصلاح فعلاه من غير استئذان ، ويلزم ما يشترطانه عليهما من السائغ ، ولو كان توكيلا لم يقع إلا ما دل عليه لفظهما ، وكون الزوج والزوجة رشيدين ، والحق لهما لا ينافي حكم الشارع عليهما كالمماطل ، فإنهما بالإصرار على الشقاق صارا كالممتنعين عن قبول الحق ، فجاز الحكم عليهما ، كما أن عدم اعتبار الاجتهاد فيهما لا ينافي مضى حكمهما ، لأن محله أمر معين جزئي يجوز تفويض أمره إلى الآحاد كنظائره ، وليس هو من الرئاسة العامة التي يعتبر فيها الاجتهاد ، مع أن مثل ذلك لا يعارض ظاهر الكتاب والسنة ، خصوصا والحاكم في الحقيقة الحاكم الذي أرسلهما ، فهما بمنزلة الوكيلين.
والظاهر عدم اعتبار رضا الزوجين في بعثهما بناء على المختار ، ضرورة كون ذلك سياسة شرعية.
نعم قد يقال باعتبار رضاهما على التوكيل مع احتمال عدمه أيضا ، على معنى أنهما مع الامتناع يوكل عنهما الحاكم قهرا.
ولا ريب في اشتراط البلوغ والعقل والاهتداء إلى ما هو المقصود من بعثهما ،
__________________
(١) و (٣) سورة النساء : ٤ ـ الآية ٣٥.
(٢) و (٤) الوسائل الباب ـ ١٠ و ١٢ و ١٣ ـ من أبواب القسم والنشوز.