فأوجب عليه كالإطعام في الكفارات ، ويحتمل أن يكون أراد به ما ذكره بعضهم من أنه إن لم يكن القوت الغالب أي لم يقدر عليه الزوج إما لعدمه أو عدم الوصول إليه فما يليق بالزوج ، لأنه لا تكلف نفسا إلا وسعها ، ولقوله تعالى (١) ( وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمّا آتاهُ اللهُ ) وفي المسالك « أنها ترجع فيما تحتاج إليه من طعام وجنسه من البر والشعير والتمر والزبيب والذرة وغيرها والإدام والسمن والزيت والشيرج واللحم واللبن ، والكسوة من القميص والسراويل والمقنعة والجبة وغيرها ، وجنسها من الحرير والقطن والكتان ، والإسكان في دار أو بيت لائقين ، والإخدام إذا كانت من أهله من ذوي الحشمة والمناصب المرتفعة ، وآلة الادهان التي تدهن به شعرها أو ترجله من زيت أو شيرج مطلق أو مطيب بالورد أو البنفسج أو غيرهما مما يعتاد لأمثالها والمشط ، وما يغسل به الرأس من السدر والطين والصابون على حسب عادة البلد ونحو ذلك مما يحتاج إليه في عادة أمثالها من أهل بلدها ، وإن اختلفت العادة ترجع إلى الأغلب ، ومع التساوي فما يليق منه بحاله ».
قلت : لعل ما في المسالك من الرجوع إلى عادة الأمثال من أهل البلد أولى من جعل المدار على القوت الغالب في الفطر أو البلد ، ضرورة انسياق الأول من إضافة ( رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ ) (٢) و « ستر عورتها وسد جوعتها » (٣) وكذا ما ذكره من الرجوع إلى الأغلب مع الاختلاف ، فإنه الأقرب إلى الإضافة المزبورة وإلى حمل الإطلاق ، نعم ما ذكره من الرجوع إلى ما يليق بحال الزوج مع التساوي لا يخلو من نظر ، فان المتجه في الفرض التخيير بين افراد ما يليق بها ، إذ هو الفرد القريب إلى الإضافة المزبورة وإلى المعاشرة بالمعروف ، كما أن ما ذكره غيره من أنه إن لم يقدر الزوج على القوت الغالب إما لعدمه أو عدم الوصول إليه فما يليق بالزوج كذلك أيضا ، لاحتمال
__________________
(١) سورة الطلاق : ٦٥ الآية ٧.
(٢) سورة البقرة : ٢ الآية ٢٣٣.
(٣) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب النفقات الحديث ١ وفيه « يسد جوعتها ويستر عورتها ».