احتساب ذلك عليه دينا خصوصا في الأخير ، ولو أخذ بإطلاق الآية (١) لكان المتجه اعتبار حال الزوج بالنظر إلى إعساره وإيساره وإن كان القوت الغالب موجودا ، ولعل الخصم لا يلتزم به.
اللهم إلا أن يقال : إن المراد عدم الشيء في نفسه أو حصول المانع إليه من خوف عام أو نحو ذلك مما هو من عوارض النفقات في العرف والعادة أيضا لا من عوارض المنفق ، فإنه حينئذ قد يقال : العشرة بالمعروف هو المقدور ، بل يكون هو قوت الأمثال في هذا الحال ، فتأمل جيدا.
قال في كنز العرفان : « قال المعاصر في هذه الآية (٢) دلالة على أن المعتبر في النفقة حال الزوج لا الزوجة ، ولذلك أكده بقوله تعالى (٣) ( لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلاّ ما آتاها ) » إذ لو كان المعتبر حال الزوجة لا حال الزوج لأدى ذلك في بعض الأوقات إلى تكليف ما لا يطاق ، بأن تكون ذات شرف والزوج معسر ، وعندي فيه نظر أما ( أولا ) فلفتوى الأصحاب أنه يجب القيام بما تحتاج إليه المرأة من طعام وإدام وكسوة وإسكان تبعا لعادة أمثالها. و ( ثانيا ) فلأن قوله تعالى ( لا يُكَلِّفُ اللهُ ) إلى آخره قابل للتقييد ، أي في حال التي قدر فيها الرزق ، وحينئذ جاز أن يكون الواجب عليه ما هو عادة أمثالها ، فيؤدي ما قدر عليه الان ، ويبقى الباقي دين عليه ، فلذلك اتبع الكلام بقوله تعالى (٤) ( سَيَجْعَلُ اللهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً ) ».
قلت : هو صريح فيما قلناه ، بل ظاهره الإجماع على ذلك ، على أنه يمكن تنزيل الآية على نفقة غير الزوجة التي يسقط بالإعسار ها هنا ما يعسر عليه حتى بالكسب بناء على وجوبه لنفقة القريب ، والله العالم.
وعلى كل حال فالثاني الإدام ، والبحث فيه جنسا وقدرا كالإطعام ، لاتحاد المدرك في الجميع ، لكن عن المبسوط أن عليه في الأسبوع اللحم مرة ، لأنه هو العرف ، ويكون يوم الجمعة لأنه عرف عام ، وعن أبي علي أن على المتوسط أن يطعمها اللحم في كل ثلاثة أيام مرة ، والأولى منه الرجوع فيه إلى العرف في أمثال الامرأة ويمكن إرادة الجميع
__________________
(١) و (٢) و (٣) و (٤) سورة الطلاق : ٦٥ الآية ٧.