وإطلاق الإنفاق وكون الامرأة عيالا عرفا ، بل هو المراد من قوله تعالى (١) : ( ذلِكَ أَدْنى أَلاّ تَعُولُوا ) وعيال الرجل ثقله وكل عليه فالمناسب حينئذ جعل المدار ما أشرنا إليه سابقا مما يعتاد إنفاقه على الزوجات من حيث الزوجية ، ملاحظا فيه حد الوسط الذي هو المراد من المعروف ، لا الإسراف الذي يقع من المبذرين ، ولا التقتير الذي يقع من الباخلين ، ومع التنازع والتشاح ما يقدره الحاكم في قطع الخصومة ملاحظا الميزان المعلوم.
وكيف كان فقد عرفت فيما تقدم أنه يرجع في جنس المأدوم والملبوس لها ولخادمها إلى عادة أمثالها وأمثال خادم مثلها من أهل البلد ، وكذا في المسكن وإن كان لا يعتبر فيه تمليكها إياه ، لكونه إمتاعا فيكفي المستعار والمستأجر اتفاقا ، بل نص بعض الأصحاب على أنها لو كانت (٢) من أهل البادية لم يكلف الإسكان في بيت مدر وإن كانت من أهل الحضر ، بل كفاه بيت شعر يناسب حالها ، للزوم الحرج بالتكليف بذلك ، وقضاء العرف بالاكتفاء به ، ولقوله تعالى (٣) ( أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ ) ولعله لذا قيد بعض الناس وجوب المسكن المناسب بالقدرة.
ولكن ذكر غير واحد من الأصحاب أن لها المطالبة بالتفرد بالمسكن عن مشاركة غير الزوج ضرة أو غيرها ، من دار أو حجرة منفردة المرافق مع القدرة عليه ، لأنه من المعاشرة بالمعروف والإمساك بالمعروف ، ولفهمه من قوله تعالى (٤) ( وَلا تُضآرُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ ) وإن كان لا يخلو
__________________
(١) سورة النساء : ٤ ـ الآية ٣.
(٢) هكذا في النسختين الأصليتين الا أن الموجود في كشف اللثام « لو كان من أهل البادية » وهو الصحيح والظاهر ان المراد من بعض الأصحاب هو الفاضل الهندي ( قده ) فإن العبارة إلى آخر الآية الاتية مأخوذة من كشف اللثام.
(٣) و (٤) سورة الطلاق : ٦٥ ـ الآية ٦.