لكن عن الشيخ في المبسوط تعليق الوجوب على ظهور الحمل ، والسرائر على شهادة أربع قوابل ، وفي المسالك « لعله أجود ، لانقطاع وجوب الإنفاق على الزوجة بالطلاق البائن ، والوجوب معه مشروط بالحمل ، كما هو مقتضى قوله تعالى (١) ( وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ ) والأصل عدمه ، وهذا الوصف لا يتحقق بمجرد الدعوى ».
وفيه أن محل البحث في قبول دعواها وعدمه ، إذ على فرضه لا تنفع قاعدة الشرط ولا غيرها ، لكونه حينئذ طريقا شرعيا للحكم بتحققه ، كما أنه لا وجه للوجوب مع عدمه لما ذكر ، ودعوى المقدمية المنافية لقاعدة الشرطية في نحو المقام واضحة الفساد ، لعدم تحقق الخطاب بذي المقدمة ، كوضوح فساد دعوى كون المقام من قاعدة كل ما لا يعلم إلا من قبل المدعي ، ضرورة عدم الفرق بين المدعي وغيره في عدم معرفة الواقع على وجه اليقين ، وفي اشتراكهما في الطمأنينة بالأمارات الظاهرة على وجه يصدق عليها أنها حامل ، كما في غير المقام مما علق عليه حكم للحمل ، والظاهر أن ذلك هو المدار في وجوب الإنفاق ، فإن صادف وإلا استعيد ، كما ستعرف.
وكيف كان فان تبين الحمل فذاك وإلا استعيدت النفقة ، لعموم « على اليد » (٢) و « من أتلف » (٣) والتسليط الذي وقع منه مقيد بكونه نفقة على حامل لا مطلقا ، ودعوى تنزيل خطاب النفقة على مظنونة الحمل بعدم العلم يدفعها إمكان تنزيلها على الواقع ، كما هو مقتضي عنوان كل خطاب ، والظن إنما هو طريق للإلزام بالمبادرة ، فما في الرياض ـ من أن الأظهر عدم الرجوع بالمأخوذ للأصل إلا إذا دلست عليه الحمل فرجع به للغرور ـ واضح الضعف ، ضرورة أن الإنفاق خلاف الأصل بعد أن كان النص (٤) الإنفاق على أولات الأحمال ، فلما
__________________
(١) سورة الطلاق : ٦٥ ـ الآية ٦.
(٢) سنن البيهقي ج ٦ ص ٩٥ وكنز العمال ج ٥ ص ٣٢٧ الرقم ٥٧١٣.
(٣) راجع التعليقة من ص ٩١.
(٤) سورة الطلاق : ٦٥ ـ الآية ٦.