موسى أن الموقف موقف
الحضور ومقام المشافهة (١). ولكن المفسرين اختلفوا في مصدر هذا
اليقين الموسوي بأن ما سمعه هو كلام الله تعالى ونداؤه ، فالشيخ الطوسي يذهب إلى أن يقين موسى متأتٍّ من معجزة أظهرها الله تعالى (٢). واستعان الزمخشري بالرواية فيما نقل عن
موسى عليهالسلام
في فهم سبب يقينه بذلك ، فقد روي أن موسى قال : « أنا عرفت أنّه كلام الله بأنّي أسمعه من جميع الجهات الستّ ، وأسمعه بجميع أعضائي » (٣). إلّا أن من المفسرين من يرى أن اليقين
بمصدر الوحي أنّه من الله هو قاسم مشترك في جميع الأنبياء عليهمالسلام
، وأنّهم عموماً في أول ما يوحى إليهم بالنبوة ، ويكلفون بالرسالة ، لا يخالجهم شكّ في أن الذي يوحى إليهم هو من الله سبحانه وتعالى : ( من غير حاجة إلى إعمال نظر أو التماس دليل أو إقامة حجّة ) (٤).
أو يخلق فيهم علماً ضرورياً أنّه ربّهم يوحي إليهم أو يكلمهم. ٤ ـ
إنّ حالة التكليم من وراء حجاب لم تكن حالة مستمرة من الوحي طيلة نبوة موسى عليهالسلام
وتبليغه شريعته ، بل حصل بحدود ما بيَّنه القرآن الكريم مرّتين ، وهما : المرّة الأولى :
كانت دون مواعدة سابقة معه ، إذ فوجئ موسى بها حين آنس النار فيما قصة تعالى بقوله : (
إِذْ رَأَىٰ نَارًا فَقَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ ________________
(١) الميزان / الطباطبائي ١٤ : ١٣٩.
(٢) التبيان ٧ : ١٤٤.
(٣) الكشاف ٢ : ٥٣١.
(٤) الميزان ١٤ : ١٣٨.