ومن هذا قوله تعالى : ( فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ ) [ ٤ /٣ ] و ( طَيِّباتِ ما أَحَلَّ اللهُ لَكُمْ ) [ ٥ / ٨٧ ].
وَفِي الْحَدِيثِ : « لَا تَمَسُّوا مَوْتَاكُمْ بِالطِّيبِ » (١).
هو بكسر الطاء : ما يُتَطَيَّبُ به. و « الطَّيْبُ » بفتح الطاء لغة فيه.
وَفِي الْخَبَرِ : « جُعِلَتْ لِيَّ الْأَرْضُ طَيِّبَةً طَهُوراً ».
أي نظيفة غير خبيثة. وطَابَ ديننا : أي كمل واستقرت أحكامه.
وَفِي مَعَانِي الْأَخْبَارِ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْفَضْلِ الْهَاشِمِيِّ قَالَ : قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام مَا مَعْنَى قَوْلِ الْمُصَلِّي فِي تَشَهُّدِهِ لِلَّهِ مَا طَابَ وَطَهُرَ وَمَا خَبُثَ فَلِغَيْرِهِ؟ قَالَ : مَا طَابَ وَطَهُرَ كَسْبُ الْحَلَالِ [ مِنَ الرِّزْقِ ] وَمَا خَبُثَ كَسْبُ الرِّبَا (٢).
قَوْلُهُ : « وَالتَّحِيَّاتُ الطَّيِّبَاتُ لِلَّهِ ».
أي الكلمات المحبوبات المشتملة على التقديس والتنزيه وحسن الثناء على الله لله ، وقيل الطَّيِّبَاتُ من الصلاة والكلام مصروفات إلى الله. والْإِطَابَةُ والِاسْتِطَابَةُ كنايتان عن الاستنجاء بغسل أو مسح بحجر ، وقيل بمسح فقط لأن الإنسان يُطَيِّبُ جسده بإزالة الخبث عنه ، أي يطهره. ومنه الْحَدِيثُ : « نَهَى أَنْ يَسْتَطِيبَ الرَّجُلُ بِيَمِينِهِ ».
أي يستنجي بها لأنه من الجفاء. وطِبْتُ به نفسا : طَابَتْ نفسي به.
وَفِي الْخَبَرِ : « أَنَّهُ أَمَرَ أَنْ تُسَمَّى الْمَدِينَةُ طَيْبَةً وَطَابَةَ ».
وهما من الطِّيبِ أعني الرائحة الطَّيِّبةِ بعد أن كانت تسمى في الجاهلية بيثرب ، فنهى أن تطمى بذلك وقيل من الطَّيِّبِ الطاهر بخلوصها من الشرك وتطهيرها منه.
وَفِي حَدِيثِ الْقَائِمِ (ع) : « نِعْمَ الْمَنْزِلُ طَيْبَةُ وَمَا بِثَلَاثِينَ مِنْ أَوْلِيَائِهِ مِنْ وَحْشَةٍ ».
كأن معناه أن طَيْبَةَ منزله (ع) وكان يستأنس بثلاثين من أوليائه ، ويحتمل أن يكون هذا حاله في الغيبة الصغرى.
__________________
(١) في الكافي ج٣ ص ١٤٧ : « لا تمسحوا موتاكم بالطيب ».
(٢) معاني الأخبار ص ١٧٥.