(غضب)
قوله تعالى : ( غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ ) [ ١ / ٧ ] قيل ( الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ ) اليهود ( وَلَا الضَّالِّينَ ) النصارى. قوله : ( وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوى ) [ ٢٠ / ٨١ ] غَضَبُ الله تعالى عقابه وإرادة الانتقام من العصاة ، فإنه يفعل بالكفار ما يفعل الملك إذا غَضِبَ على من تحت يده.
وَفِي رِوَايَةِ عَمْرِو بْنِ عُبَيْدٍ مَعَ أَبِي جَعْفَرٍ (ع) وَقَدْ قَالَ لَهُ : قَوْلُهُ تَعَالَى ( وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوى ) مَا ذَلِكَ الْغَضَبُ؟ فَقَالَ : هُوَ الْعِقَابُ يَا عَمْرُو ، إِنَّهُ مَنْ زَعَمَ أَنَّ اللهَ قَدْ زَالَ مِنْ شَيْءٍ إِلَى شَيْءٍ فَقَدْ وَصَفَهُ صِفَةَ الْمَخْلُوقِينَ.
قوله : ( مَنْ لَعَنَهُ اللهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ ) [ ٥ / ٦٠ ] قيل الْغَضَبُ أشد من اللعنة فخص باليهود لأنهم أشد عداوة لأهل الحق. قوله : ( إِذْ ذَهَبَ مُغاضِباً ) [ ٢١ / ٨٧ ] أي مُغَاضِباً لقومه ، لأنه دعاهم مدة إلى الإيمان فلم يؤمنوا.
وَفِي الْحَدِيثِ الْقُدْسِيِ : « سَبَقَتْ رَحْمَتِي غَضَبِي ».
الْغَضَبُ قسمان : غضب الله وهو سخطه على من عصاه ومعاقبته له ، وغضب المخلوقين فمنه محمود وهو ما كان في جانب الدين والحق والمذموم ما كان في خلافه ، والسبق هنا باعتبار التعلق ، أي تعلق الرحمة سابق على تعلق الْغَضَبُ ، لأن الرحمة غير متوقفة على عمل سابق ، بخلاف الْغَضَبُ فإنه يتوقف على سابقة عمل ، والْغَضَبُ والرحمة ليسا من صفات الذات بل فعلان له تعالى ، وجاز تقديم بعض الأفعال على بعض.
وَفِي حَدِيثِ الْبَاقِرِ (ع) : « إِنَّ اللهَ خَلَقَ الْجَنَّةَ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ النَّارَ ... إِلَى أَنْ قَالَ : وَخَلَقَ الرَّحْمَةَ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ الْغَضَبَ ».
والْغَضَبُ من غير الله تعالى هو عبارة عن غليان دم القلب لإرادة الانتقام ، وهو من الأخلاق المذمومة.
وَفِي الْخَبَرِ « الْغَضَبُ شُعْلَةً مِنْ نَارٍ تُلْقِي صَاحِبَهَا فِي النَّارِ ».
وذلك لأنه يحمل صاحبه على الدخول في الآثام. وغَضِبَ عليه غَضَباً فهو غَضْبَانٌ