قوله تعالى : ( وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلى بَعْضِ أَزْواجِهِ حَدِيثاً ) [ ٦٦ /٣ ] قال الشيخ أبو علي : بعض أزواجه هي حفصة حَدِيثاً أي كلاما أمرها بإخفائه فأظهرته. قوله : ( وَجَعَلْناهُمْ أَحادِيثَ ) [ ٢٣ / ٤٤ ] أي أخبارا وعبرا يتمثل بهم في الشر ولا يقال في الخير.
وَفِي الْحَدِيثِ. « أَنَّ أَوْصِيَاءَ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمُ السَّلَامُ مُحَدَّثُونَ » (١).
أي تُحَدِّثُهُمْ الملائكة وفيهم جبرئيل (ع) من غير معاينة. ومثله قَوْلُهُ (ص) : « إِنَّ فِي كُلِّ أُمَّةً مُحَدَّثُونَ مِنْ غَيْرِ نُبُوَّةٍ ».
ومنه فِي وَصْفِ فاطمة عليها السلام « أَيَّتُهَا الْمُحَدَّثَةُ الْعَلِيَّةُ ».
والْمُحَدَّثُ أيضا : الصادق الظن. و « الْمُحَدَّثُ » بخفة دال وفتحها ، الذي كان بعد أن لم يكن ، وهو خلاف القديم.
وَفِي الْخَبَرِ « إِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ ».
أي ما لم يكن معروفا من كتاب أو سنة أو إجماع. وفِيهِ : « مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ مَرْدُودٌ ».
يعني دين الإسلام هو أمرنا الذي نهتم له ونشتغل به بحيث لا يخلوا عنه شيء من أقوالنا وأفعالنا ، فمن أَحْدَثَ فيه ما ليس في كتاب ولا سنة ولا إجماع فهو رد مردود. والْإِحْدَاثُ : تجديد العهد. ومنه « أَحْدَثَ به عهدا » أي جدد به عهد الصحبة وَفِي الْحَدِيثِ : « لَوْ لَا كَذَا لَجَعَلْتُكَ حَدِيثاً لِمَنْ خَلْفَكَ ».
أي عبرة ومثلا لمن خلفك يعتبرون بك. وفِيهِ « لَمْ أَرَ شَيْئاً أَحْسَنَ دَرَكاً وَلَا أَسْرَعَ طَلَباً مِنْ حَسَنَةٍ مُحْدَثَةٍ لِذَنْبٍ قَدِيمٍ ».
كأن المعنى أن الحسنة الْمُحْدَثَةَ تدرك الذنب وتطلبه ولا تبقيه. وحَدَّثَتْهُ نفسه بكذا : أمرته ، ومنه الْخَبَرُ » رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي مَا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسُهَا مَا لَمْ تَعْمَلْهُ ». وَفِي حَدِيثِ صِفَاتِ الْمُؤْمِنِ : « لَا
__________________
(١) الكافي ج ١ ص ٢٧٠.