اللهُ إِهْلَاكَ قَوْمِ نُوحٍ أَعْقَمَ أَرْحَامَ النِّسَاءِ أَرْبَعِينَ سَنَةً فَلَمْ يَلِدْ فِيهِمْ مَوْلُودٌ ، فَلَمَّا فَرَغَ نُوحٌ مِنِ اتِّخَاذِ السَّفِينَةِ أَمَرَهُ اللهُ أَنْ يُنَادِيَ بِالسُّرْيَانِيَّةِ لَا يَبْقَى بَهِيمَةٌ وَلَا حَيَوَانٌ إِلَّا حَضَرَ ، فَأَدْخَلَ مِنْ كُلِّ جِنْسٍ مِنْ أَجْنَاسِ الْحَيَوَانِ زَوْجَيْنِ فِي السَّفِينَةِ (١).
وَرُوِيَ أَنَّ نَجْرَ السَّفِينَةِ كَانَ فِي مَسْجِدِ الْكُوفَةِ ، فَلَمَّا كَانَ فِي الْيَوْمِ الَّذِي أَرَادَ اللهُ إِهْلَاكَهُمْ كَانَتِ امْرَأَةُ نُوحٍ تَخْبِزُ فِي مَوْضِعٍ مَعْرُوفٍ بِـ ( فارَ التَّنُّورُ ) فِي مَسْجِدِ الْكُوفَةِ ، وَكَانَ نُوحٌ اتَّخَذَ لِكُلِّ ضَرْبٍ مِنْ أَجْنَاسِ الْحَيَوَانِ مَوْضِعاً فِي السَّفِينَةِ وَجَمَعَ لَهُمْ فِيهَا مَا يَحْتَاجُونَ مِنَ الْغِذَاءِ ، فَصَاحَتْ امْرَأَتُهُ لَمَّا فَارَ التَّنُّورُ ، فَجَاءَ نُوحٌ إِلَى التَّنُّورِ فَوَضَعَ عَلَيْهِ طَبَقاً وَخَتَمَهُ حَتَّى أَدْخَلَ جَمِيعَ الْحَيَوَانِ السَّفِينَةَ ثُمَّ جَاءَ إِلَى التَّنُّورِ فَفَضَّ الْخَاتَمَ وَرَفَعَ الطِّينَ وَانْكَسَفَتِ الشَّمْسُ وَجَاءَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءٌ مُنْهَمِرٌ ( وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً فَالْتَقَى الْماءُ عَلى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ )(٢).
وَعَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ (ع) : فَدَارَتِ السَّفِينَةُ وَضَرَبَتْهَا الْأَمْوَاجُ حَتَّى وَافَتْ مَكَّةَ وَطَافَتْ بِالْبَيْتِ وَغَرِقَ جَمِيعُ مَا فِي الدُّنْيَا إِلَّا مَوْضِعَ الْبَيْتِ ، وَإِنَّمَا سُمِّيَ الْبَيْتُ الْعَتِيقَ لِأَنَّهُ أُعْتِقَ مِنَ الْغَرَقِ ، وَبَقِيَ الْمَاءُ يَنْصَبُّ مِنَ السَّمَاءِ أَرْبَعِينَ صَبَاحاً وَمِنَ الْأَرْضِ الْعُيُونُ حَتَّى ارْتَفَعَتِ السَّفِينَةُ فَمَسَحَتِ السَّمَاءَ فَرَفَعَ نُوحٌ (ع) يَدَهُ فَقَالَ : « يَا رَهْمَنُ اتقن » وَتَفْسِيرُهَا رَبِّ أَحْسِنْ (٣)، فَأَمَرَ اللهُ الْأَرْضَ أَنْ تَبْلَعَ مَاءَهَا ، وَهُوَ قَوْلُهُ ( يا أَرْضُ ابْلَعِي ماءَكِ وَيا سَماءُ أَقْلِعِي ) الْآيَةِ ، فَبَلَعَتْ مَاءَهَا ( وَاسْتَوَتِ ) السَّفِينَةُ ( عَلَى الْجُودِيِ ) وَهُوَ جَبَلٌ عَظِيمٌ ، فَبَعَثَ اللهُ جَبْرَئِيلَ فَسَاقَ الْمَاءَ إِلَى الْبِحَارِ حَوْلَ الدُّنْيَا ، فَنَزَلَ نُوحٌ مِنَ السَّفِينَةِ وَبَنَوْا مَدِينَةً ، وَكَانَ لِنُوحٍ عليه السلام بِنْتٌ نَزَلَتْ مَعَهُ السَّفِينَةَ فَتَنَاسَلَ النَّاسُ مِنْهَا (٤).
قَوْلُهُ : ( وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ ) [ ٨١ / ٧ ] أي قرنت بأشكالها أو بأعمالها ،
__________________
(١) البرهان ج ٢ ص ٢٢٠.
(٢) تفسير علي بن إبراهيم ص٣٠٣.
(٣) في البرهان » فقال يا دهمان ايقن ، وتفسيرها يا رب احبس ».
(٤) البرهان ج ٢ ص ٢٢٠ مع اختلاف في الألفاظ.