تُرِيحُ وَتَعْبُقُ » (١).
قال بعض شراح الحديث وهو ابن إدريس : سمعت من يقول تُرِيحُ وتَغْبُقُ بالغين المعجمة والباء تعتقد أنه الغبوق وهو الشرب بالعشي ، وهذا تصحيف فاحش وخطأ قبيح إنما هو بالعين غير المعجمة والنون المفتوحة [ من العَنَق ] هو ضرب من سير الإبل شديد ، والمعنى لا تعدل بهن عن نبت الأرض إلى جواد الطريق في الساعات التي لها فيها راحة ولا في الساعات التي عليها فيها مشقة ، ولأجل هذا قال تريح من الراحة ، ولو كان من الرَّوَاحِ لقال تَرُوحُ وما كان يقول تريح ، ولأن الرَّوَاحَ يكون عند العشي أو قريبا منه ، والغُبُوقُ هو شرب العشي ولم يبق له معنى وإن المعنى ما قلناه ، وإنما ذكرت هذه اللفظة في كتابي لأني سمعت جماعة من أصحابنا يصحفونها.
وَفِي حَدِيثِ ابْنِ آدَمَ « مُسْتَرِيحٌ وَمُسْتَرَاحٌ مِنْهُ ».
قيل الواو بمعنى أو ، يعني ابن آدم إما مُسْتَرِيحٌ وهو المؤمن يَسْتَرِيحُ من تعب الدنيا إلى رحمة الله ، أو مُسْتَرَاحٌ منه وهو الفاجر يَسْتَرِيحُ منه البلاد والأشجار والدواب ، فإن الله تعالى بفوت الفاجر يرسل السماء مِدْرارا بعد ما حبس بشؤمه الأمطار.
وَفِي حَدِيثِ وَصْفِهِ عليه السلام « كَانَ أَجْوَدَ مِنَ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ ».
أي التي أرسلت بالبشرى بين يدي رحمته ، وذلك لشمول رَوْحِهَا وعموم نفعها. وقريب منه
قَوْلُ الْعَبَّاسِ لَهُ ص « مَنْ يُطِيقُكَ مِنْهُ وَأَنْتَ تُبَارِي الرِّيحَ ».
يعني سماحا وسخاء. وارْتَاحَ إلى الشيء : مال إليه وأحبه وإن شئت هش وسر. والِارْتِيَاحُ من الله : الرحمة ، ومِنْهُ « يَا مُرْتَاحُ ».
__________________
(١) الكافي ج٣ ص ٥٣٧.